أصوات الطفولة من مخيم اللاجئين: “نحن أيضًا لدينا أحلام ومواهب”
تدير أطباء بلا حدود منذ عام أنشطة استجابة طارئة في شرق تشاد لتلبية الاحتياجات الطبية والإنسانية للاجئين الذين أجلوا من السودان بعد اندلاع الحرب. ومنذ بدء النزاع في أبريل/نيسان 2023 وحتى يونيو/حزيران من هذا العام، وصل أكثر من 600 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
وضمن إطار استجابتنا المرنة لهذا النزوح، نقدم الدعم للأطفال في عياداتنا في مخيم أدري للعبور ومخيم أبوتينغي، حيث نوفر الخدمات الصحية الأساسية للأطفال. ومنذ مطلع العام الحالي وحتى شهر يوليو/تموز، قدّمنا قرابة 43709 استشارة لأطفال ما دون سن الخامسة في هذه العيادات المخصصة لطب الأطفال.
في الشهادات التالية، نشارك أصوات أطفال سودانيين، بين السابعة والثانية عشرة من العمر، يتحدثون فيها عن حياتهم في المخيم: عن مواهبهم، وهواياتهم، واحتياجاتهم كأطفال، ورغباتهم المستقبلية.
ريان – سبع سنوات
ريان من أردمتا شمال شرق الجنينة. وصلت إلى شرق تشاد منذ عام واحد.
“الحياة لا بأس بها هنا. على الأقل، هنا لا نسمع طلقات نارية. أحب صناعة الفخار، وصنع الأواني الصغيرة والأكواب وأباريق الشاي والمباخر (تُستخدم المباخر لحرق الأعشاب العطرية من أجل تعطير الغرفة). وأصنع كل شيء بالطين الذي يتكوّن في المخيم بعد هطول الأمطار، وأتركها تجف تحت أشعة الشمس.
أتظاهر بإقامة حفلة شاي مع أطفال آخرين. في السودان، كانت اللحظة المفضلة بالنسبة إلي في المدرسة هي عند نهاية الصف، عندما كانوا يعطوننا لعبة طقم الشاي لنلعب بها. لكن بما أنني لم أعد أذهب إلى المدرسة، فقد صنعت طقم شاي بنفسي حتى أتمكن من الاستمرار في اللعب.
جاءت أمي إلى هنا أولاً معي وأخواتي الخمس لكي نستقر في المخيم، ثم عادت إلى أردمتا لتبحث عن والدي وتحضره إلى هنا على متن عربة. عندما يسألني الناس عما إذا كنت أرغب في العودة إلى المنزل، أجيب: “لا”. أنا بخير هنا”.
مشتى – عشر سنوات
“لدي أربع أخوات وأخ واحد، حتى أن أختي الصغيرة ولدت في مستشفى أدري قبل خمسة أشهر. نعيش جميعًا مع أبي وأمي. لأمي متجر صغير أمام الملجأ الذي نسكن فيه، تبيع فيه الحلويات. كانت الحياة مختلفة قبل مجيئنا إلى هنا. كنا نعيش في مدينة الجنينة، والآن نعيش في هذه الملاجئ منذ تسعة أشهر. الحياة صعبة في المخيم.
لا كهرباء هنا، ولذا لا أشاهد التلفاز… كنت أحب مشاهدة قناة MBC3، وهي قناة للأطفال. أفتقد الجلوس على الكراسي؛ لا كراسي هنا، فنحن نجلس دائمًا على الأرض.
نحن في وسط الصحراء، ولذا لا أشجار نلعب في فيئها. بنى والداي ملجأً بسقف معدني لننام تحته، وهو المكان نفسه حيث نقيم ونلعب… عندما هربنا من الجنينة، أحضرنا معنا بعض الألعاب: بعض الدمى والقط توم المتكلم. لكنّ توم لم يعد يتكلم لأن البطاريات فرغت.
في الجنينة، كنت أذهب إلى المدرسة. لكن ليس من مدارس هنا. لماذا لا توجد مدارس هنا؟ أريد أن أصبح طبيبة، ولمَ لا أعمل مع أطباء بلا حدود. ولكن كيف عساي أفعل ذلك وأنا خارج المدرسة؟
مازم – 12 سنة
“أنا من الجنينة. أنا الأكبر بين ستة أشقاء. لديّ شقيقتان وثلاثة أشقاء. أعيش هنا منذ أكثر من عام وأتقاسم الملجأ مع اثنين من أبناء خالتي أيضًا. فقد عادت خالتي إلى السودان منذ بضعة أسابيع لتحاول العثور على زوجها المفقود منذ أشهر.
لا بأس بالحياة هنا. أقضي أيامي في لعب كرة القدم، والصلاة، ثم لعب كرة القدم مرة أخرى. عندما ألعب كرة القدم، أتّخذ دومًا المركز نفسه: الجناح الخلفي. فريقي المفضل هو ريال مدريد. انظر! شعاره على سروالي الرياضي. ولاعبي المفضل يبقى كريستيانو رونالدو، على الرغم من أنه لم يعد يلعب في ذلك الفريق.
يشجع شقيقي فريق برشلونة، ويرتدي قميص الفريق طوال الوقت. هكذا نلعب دائمًا: مدريد ضد برشلونة.
في البداية، كانت لدينا كرة، لكنها اهترأت بمرور الوقت. لذلك، قمنا بحشو جورب بالبلاستيك وصرنا نلعب به الآن.
هناك ملعب كرة قدم بالقرب من المخيم. نلعب هناك، ودائمًا ما نكون 24 طفلًا، لا يتغيرون، وهو عدد كافٍ لتشكيل فريقين. التقيت ببعضهم في المخيم ولكني أعرف آخرين من الجنينة سابقًا.
في كثير من الأحيان، يبقى الجيران الذين أجلوا على اتصال ببعضهم البعض خلال الرحلة من السودان. وبالتالي، ينتظر أولئك الذين وصلوا أولًا على الحدود لاستقبال الوافدين الجدد ونقلهم إلى مربعهم السكني حتى يتمكنوا من الاستقرار هناك. وبهذه الطريقة، نعيد إنشاء حينا السابق في المخيم ونبقى محاطين بمعارفنا.
في بعض الأحيان، أتجول أيضًا في المخيم لأجمع الحطب لأمي لكي تطهو. كما ينبغي علي القيام ببعض الأعمال لدعم عائلتي. لذا، أعمل صانع أحذية بدوام جزئي. وأتوجه إلى السوق عدة مرات في الأسبوع لتلميع الأحذية وإصلاح أحذية أخرى خاصةً وأنني تعلمت الخياطة. لا تكفي المواد الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية، ولذلك أشتري القليل من الخضار وحتى اللحوم لأنها غير مشمولة بالمساعدات.
في المستقبل، أود أن أصبح طبيبًا لأساعد الناس وأشفيهم – “كل الناس”.