الاحتياجات الإنسانية في لبنان: المشهد ما بعد وقف إطلاق النار
بعد مرور شهرين على التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني بين لبنان وإسرائيل، لا تزال الاحتياجات الإنسانية قائمة. فاعتبارًا من التاسع من يناير/كانون الثاني (بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية)، بدأ ما يقدر بـ868,947 نازحًا بالعودة إلى المناطق التي تضررت بشدة من الحرب، لا سيما في محافظات الجنوب والنبطية وبعلبك-الهرمل، بالإضافة إلى ضاحية بيروت الجنوبية. ويواجه هؤلاء العائدون دمارًا هائلًا في منازلهم والبنية التحتية المدنية وشبكات توزيع المياه والمرافق الصحية. ويواجه لبنان حاليًا العواقب الأليمة للحرب، والطريق إلى التعافي على مستوى البنية التحتية وعلى المستوى الإنساني لا يزال طويلًا.
بالنسبة للعائدين، فإن الحصول على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتدفئة والغذاء ومواد الإغاثة والرعاية الصحية يمثل تحديًا كبيرًا في خضم الدمار وقسوة طقس الشتاء. تقوم فرق أطباء بلا حدود بالتبرع بمواد الإغاثة مثل الفرش والبطانيات ومستلزمات النظافة الصحية والمياه الصالحة للشرب، كما توفر الرعاية الصحية الأولية من خلال فرق متنقلة في بيروت والجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك-الهرمل.
أما الذين دُمّرت منازلهم أو تضررت بشدة فلا يزالون نازحين، ويقدر عددهم بقرابة 115,439 شخص (بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية). واضطر الكثير منهم إلى البحث عن مأوى في أماكن أخرى ضمن مجتمعاتهم، إما باستئجار منازل إذا كانت لديهم الإمكانيات، أو بالعيش في شقق تمتلكها العائلة والأصدقاء.
بالإضافة إلى ذلك، تسببت الأنشطة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في جنوب لبنان بمنع الكثير من الأشخاص من العودة إلى مناطقهم في بعض القرى. فعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، وقعت حوادث قصف وتوغلات برية إسرائيلية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 27 مدنيًا بحسب السلطات اللبنانية.
والكثير من المستشفيات والعيادات في المناطق المتضررة من الحرب إما قد تضررت بشدة أو دُمّرت بالكامل، ما يفاقم الوضع المتردي أساسًا.
وقد أدى الضرر الذي لحق بهذه الخدمات الحيوية إلى خلق فجوة في الرعاية الطبية للمحتاجين إليها. وتحولت الاحتياجات في لبنان من توفير الرعاية الصحية في الملاجئ ونقاط تجمع النازحين خلال الحرب إلى توفير الرعاية الصحية في المناطق المتضررة بشدة من القصف.
واستجابةً لذلك، تواصل أطباء بلا حدود نشر 15 فريقًا طبيًا متنقلًا في مختلف أنحاء لبنان، أربعة منها في محافظة بعلبك-الهرمل وستة في جنوب البلاد في محافظتي الجنوب والنبطية، بينما تستجيب الفرق الستة الأخرى للاحتياجات في البقاع وجبل لبنان ومناطق أخرى.
وتركز الفرق الطبية المتنقلة على المناطق والبلدات التي يتجمع في ملاجئها السوريون الوافدون حديثًا واللبنانيون العائدون أو ممن وجدوا مأوى لدى المجتمعات المضيفة.
أعادت فرقنا كذلك افتتاح عيادتنا القائمة منذ زمن في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية التي تضررت بشدة، بعد أن اضطرت العيادة لإغلاق أبوابها لمدة شهرين في ظل القصف الإسرائيلي. كما أعدنا فتح عيادتنا في الهرمل بكامل طاقتها الاستيعابية بعد أن اقتصرت خدماتها على توزيع أدوية الأمراض غير السارية لضمان استمرارية الرعاية خلال الحرب.
قدمت أطباء بلا حدود أكثر من 4,967 استشارة طبية في جنوب لبنان إحدى المناطق الأشد تضررًا بفعل الحرب و4,460 استشارة في بعلبك-الهرمل و1,326 في بيروت منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.