القوات الإسرائيلية والمستوطنون يصعدون العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية
إنها الساعة 2:30 ليلاً والأطباء متجمعون خارج مدخل مستشفى جنين في الضفة الغربية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. هدوء قصير لا تسمع فيه صوت إطلاق النار، ثم تسمع صوت رجال يصرخون وصوت احتكاك الإطارات بالأرض، تدخل مركبة تُكتك ذات ثلاث عجلات بوابات المستشفى. وسرعان ما تبدأ حزمة الجثث المغطاة بالدماء على ظهر التُكتك في الظهور.
يُحمَل شبّان قد ثقبت رصاصات بطونهم وأسفل أفخاذهم على النقالات ويُدفعون إلى غرفة الطوارئ، حيث يتم فحصهم وتضميدهم ونقلهم على وجه السرعة إلى غرفة العمليات.
منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر، كان هناك انتشار مفرط للعنف في جميع أنحاء الضفة الغربية. ففي جنين، يستدعى أطباء الطوارئ التابعين لأطباء بلا حدود إلى المستشفى العام كل ليلة تقريباً، حيث تضرب التوغلات الإسرائيلية بالدبابات والقوات البرية المدينة. خلال الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية 30 شخصاً وأصابت 162 آخرين على الأقل في مدينة جنين وحدها.
ويتعين على المسعفين المحليين في مخيم جنين للاجئين استخدام التكتك، الذي تبرعت به منظمة أطباء بلا حدود، للتنقل عبر الأزقة الضيقة للمخيم لنقل الجرحى. وغالباً ما تغلق القوات الإسرائيلية مدخل المخيم، ما يجعل من المستحيل تقريباً على عربات الإسعاف الدخول والخروج مع الجرحى ذوي الحالات الخطرة في الوقت المناسب لإنقاذ حياتهم.
خارج المستشفى، توجد سيارة إسعاف مخترقة بثقوب الأعيرة النارية، وحولها مجموعة من المسعفين الذين يحدقون بذهول في الليل الصاخب. يقول أحدهم إنهم تعرضوا لإطلاق النار أثناء محاولتهم الوصول إلى الجرحى في المخيم، مما أجبرهم على إخلاء سيارة الإسعاف والاحتماء على الأرض لمدة 20 دقيقة حتى غادرت القوات الإسرائيلية.
يمكن رؤية أثر الدمار ليس فقط من خلال الأشخاص الذين أصيبوا بطلقات نارية وشظايا في مستشفى جنين، ولكن أيضاً في المدينة نفسها، حيث دُمّرت البنية التحتية والمباني الفلسطينية الرمزية بواسطة الجرافات والدبابات.
التوغلات والحوادث العنيفة لا تقتصر على جنين. في أنحاء الضفة الغربية، قُتل 165 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر وأصيب أكثر من 2400*، وفقاً للسلطات الفلسطينية.
وفضلاً عن ذلك، فإن ما يصل إلى 6000 من سكان غزة الذين كانوا يعملون في إسرائيل قبل الحرب، لكن تم إلغاء تصاريح عملهم منذ ذلك الحين، وجدوا أنفسهم الآن يعيشون في مراكز نزوح في أنحاء الضفة الغربية، وفقاً لوزارة العمل الفلسطينية.
وتزور فرق أطباء بلا حدود مراكز النزوح هذه للتبرع بالإمدادات الطبية، بما في ذلك أدوية الأمراض غير المعدية، وتقدم دعم الصحة النفسية. وقد أخبر بعض المرضى موظفي أطباء بلا حدود أنهم تعرضوا للضرب والإذلال وسوء المعاملة أثناء احتجازهم من قبل القوات الإسرائيلية في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر/تشرين الأول.
العنف والنزوح القسري
في محافظة الخليل، في جنوب الضفة الغربية، أثر العنف الذي تشارك فيه القوات الإسرائيلية والمستوطنون، والتهجير القسري والقيود المفروضة على تحركات الناس على كل جانب من جوانب الحياة اليومية للفلسطينيين. أخبر السكان المحليون فرق أطباء بلا حدود، التي عملت في المنطقة منذ عام 2001، كيف يشعرون بعدم الأمان حتى أثناء السير في شوارعهم وكيف يتم تقييد وصولهم إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك أسواق المواد الغذائية والرعاية الصحية.
منذ 7 أكتوبر، لم يكن أمام 111 عائلة فلسطينية على الأقل، تضم حوالي 905 أشخاص، خياراً سوى مغادرة منازلهم في الضفة الغربية بسبب العنف والترهيب من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين، وفقاً للأمم المتحدة.
في تلال الخليل الجنوبية، من بين عشرات العائلات التي نزحت من منازلها، أُجبرت عائلتان على المغادرة بعد أن أحرق المستوطنون منزليهما، وسرقوا الألواح الشمسية وبراميل المياه، وقطعوا أنابيب الماء. واستجابت فرقنا من خلال توفير الرعاية الصحية النفسية ومستلزمات النزوح للمتضررين.
كما تزود فرق أطباء بلا حدود المتمركزة في الخليل العائلات بمواد الإغاثة الأساسية، بما في ذلك البطانيات والفرش والمدافئ، بالإضافة إلى تقديم دعم الصحة النفسية للأشخاص الذين تعرضوا للعنف أو هُجّروا قسراً من منازلهم.
تدعو منظمة أطباء بلا حدود السلطات الإسرائيلية إلى ضبط النفس في الضفة الغربية، ووضع حد للعنف والتهجير القسري للفلسطينيين، والتوقف عن تنفيذ التدابير التقييدية التي تعيق قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الطبية. ومع استمرار القصف والعقاب الجماعي للناس في غزة بلا هوادة، وامتداد غياب القانون وسفك الدماء إلى الضفة الغربية، أصبحت الحاجة إلى وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
يتابع زهير، مثل العديد من الغزيين النازحين في أنحاء الضفة الغربية، الأحداث في غزة من قاعة رياضية مزدحمة في جنين، حيث ينام هو ومئات العمال النازحين الآخرين.
ويقول: “معاناتنا اليوم، هي أننا بعيدون عن أطفالنا وعائلاتنا. نتحدث مع أبنائنا في غزة ونبكي. أتمنى أن يعيدوني إلى غزة، حيث يوجد أولادي وأحفادي. معاناتنا هي أننا عاجزون، ولا يمكننا فعل أي شيء”.
*الأرقام من وزارة الصحة الفلسطينية