الوضع كارثي في مخيم زمزم بالسودان: “يوشك وقتنا على النفاد”
باريس، 13 سبتمبر/أيلول – كشف مسح تغذوي أجرته السلطات السودانية ومنظمة أطباء بلا حدود داخل مخيم زمزم في شمال دارفور خلال هذا الشهر عن وضع غذائي كارثي لا ينفك يتدهور. وفي هذا السياق، تناشد أطباء بلا حدود الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية التي تساهم في التفاوض على توسيع الوصول الإنساني للنظر في جميع الخيارات التي تتيح إيصال الطعام والإمدادات الأساسية بشكل سريع إلى المنطقة، وإن كان ذلك عن طريق الإنزال الجوي.
على الرغم من الإعلانات التي ترددت وأيقظت أملًا بوقوع تطوّرات إيجابية بعد محادثات السلام في جنيف مثلًا، لم تصل كمية تُذكر من مواد الإغاثة إلى السكان في مخيم زمزم وما حوله وإلى مدينة الفاشر المنكوبة بالحرب غير البعيدة عنه، علمًا أن لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قد أشارت إلى أن ظروف المجاعة قد سادت في المنطقة في الأول من أغسطس/آب 2024. هذا ويشار إلى أن معظم الطرق المستَخدمة في نقل الإمدادات تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، فبات إدخال الأغذية العلاجية والأدوية والإمدادات الأساسية إلى المخيم مهمةً مستحيلة منذ اشتداد القتال حول الفاشر في مايو/أيار الماضي.
لم يبقَ أمامنا متسع من الوقت إذا أردنا منع آلاف الوفيات التي يمكن تجنبها. فمن بين أكثر من 29 ألف طفل دون سن الخامسة شملهم المسح الأسبوع الماضي خلال حملة التطعيم في مخيم زمزم، تبينت إصابة 10.1 في المئة بسوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدّد حياة المصابين به و34.8 في المئة بسوء التغذية الحاد الشامل الذي يتطور إلى أشكال أكثر حدة من سوء التغذية إن لم يُعالَج بشكل فعال وفي الوقت المناسب.
وكان الفحص الشامل الذي أجرته أطباء بلا حدود في شهر مارس/آذار 2024 قد كشف عن إصابة 8.2 في المئة من المشاركين بسوء التغذية الحاد الشديد و29.4 في المئة بسوء التغذية الحاد الشامل، أي ضعف المعدل الذي حددته منظمة الصحة العالمية كعتبة الخطر المقدّرة بـ 15 في المئة.
في الوقت الحالي، لا يتوفر أي غذاء إلا ما تبقى من المخزون السابق، وهو لا يكفي لسكان المنطقة، مع العلم أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بمعدل ثلاثة أضعاف عما هي عليه في باقي أنحاء دارفور. هذا وقد ارتفعت أسعار الوقود أيضًا، فبات ضخ المياه وتشغيل العيادات التي تعتمد على المولدات الكهربائية صعبًا للغاية. ويشير فريقنا في الموقع إلى أنّ الكثيرين عاجزون عن الاعتماد على أكثر من وجبة واحدة في اليوم.
تضيف ماييه، “في مثل هذا الوضع الصعب، يُفترض بنا أن نكثّف استجابتنا. ولكننا نعمل بدلًا من ذلك بإمدادات توشك على النفاد، وقد وصلنا إلى نقطة انهيار أجبرتنا على تقليص أنشطتنا للتركيز على الأطفال الذين يعانون من أشد الحالات خطورة. فعلّقنا خدمات العلاج للأشكال الأقل حدة من سوء التغذية رغم أنها تلمّ بمجموعة نشطة من 2.700 طفل، كما توقّفنا عن توفير الاستشارات للبالغين والأطفال فوق سن الخامسة الذين يلتمسون في الأساس آلاف الاستشارات شهريًا”.
يقدَّر عدد السكان الذين يستضيفهم مخيم زمزم بين 300 ألف و500 ألف شخص، وقد نزح الكثير منهم عدة مرات في محاولات للفرار من الحرب التي تعصف ببلادهم منذ العام الماضي. وفي مدينة الفاشر التي كانت مستقرًا للاجئين كثر، لم يتبقَ سوى مستشفى واحد يواصل عمله بشكل جزئي عقب تضرر المستشفيات أو تدميرها بسبب النزاع.
ويوضح لاشاريتيه، “في ظل العوائق غير المقبولة التي تُفرض على وصول الإمدادات، نشعر بأننا نترك وراءنا عددًا متزايدًا من المرضى الذين لا يجدون أمامهم إلا قلة من الخيارات للحصول على الرعاية الطبية المنقذة للحياة. إن لم تعد الطرقات خيارًا ممكنًا لإيصال كميات تُذكر من الإمدادات العاجلة إلى المخيم، فعلى الأمم المتحدة أن تبحث في كل الخيارات المتاحة لأن تأخير هذه الإمدادات يؤدي إلى زيادة آلاف الوفيات التي تلمّ بالفئات الأكثر حاجة”.