خمسة أمور عليكم معرفتها حول لبنان

الأخبار والأنشطة > الأخبار > خمسة أمور عليكم معرفتها حول لبنان

يعيش لبنان منذ أربعة أعوام أزمةً اقتصادية وسياسية واجتماعية حادة. تدفع هذه الأزمة متعددة الجوانب بسكان البلد إلى حافة الهاوية، إذ يعاني أكثر من 80 في المئة منهم من فقر متعدد الأبعاد[1]، ويواجه 1,4 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد[2]. تؤثر الأزمة بشدة على خدمات الرعاية الصحية، إذ أن النظام الصحي العام والهش أساسًا يعاني في الاستجابة للاحتياجات المتزايدة. وفي هذا السياق، أفادت أكثر من 30 في المئة من الأسر[3] بعدم تمكنها من الحصول على الرعاية الصحية وبتفاقم نقص الأدوية الأساسية.

MSF_ARB_Social Media_Post1_20112023

يستضيف لبنان 1,5 مليون لاجئ سوري[4]، وهو أكبر عدد لاجئين بالنسبة إلى الفرد الواحد في العالم، بالإضافة إلى لاجئين فلسطينيين[5] وعمال مهاجرين[6]. واجهت هذه المجتمعات مشاكل من قبل بدء الأزمة، لكن الاضطرابات المستمرة زادت وضعها سوءًا.

1. ما الوضع الراهن؟

تشير التقديرات إلى أن نحو أربعة ملايين شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية بحلول يناير/كانون الثاني من عام 2023[7].

ففي عام 2019، بدأت العلامات الأولية للتدهور الاقتصادي تظهر واضحةً في لبنان، إذ ازدادت البطالة والتضخم وتداعت البنى التحتية.

في السنوات اللاحقة، استمر تدهور الوضع الاقتصادي، حيث وصل معدل التضخم السنوي في البلد إلى 190 في المئة في فبراير/شباط 2023، وارتفع الحد الأدنى من الأموال المطلوبة لتغطية الاحتياجات الأساسية بنسبة 19000 في المئة منذ عام 2019. وأثرت الزيادة الهائلة في التضخم على قدرة الناس على تحمل تكاليف السلع والخدمات الأساسية، بما ذلك الغذاء والرعاية الصحية، حتى بات 40 في المئة من الأطفال والنساء يعانون من فقر الدم بالتزامن مع ارتفاع متواصل في عدد حالات التقزّم[8].

MSF_ARB_Social Media_Post2_20112023
أم تحمل ابنتها إثر تعافيها من الكوليرا في عرسال، وادي البقاع، لبنان. التقطت في 24 نوفمبر 2022 (كارمن يحشوشي/أطباء بلا حدود)

ويزداد الوضع تعقيدًا مع استمرار الجمود السياسي في البلد الذي ينبع عن المشهد الاجتماعي والسياسي في لبنان.

2. كيف تؤثر الأزمة على خدمات الرعاية الصحية في لبنان؟

تغلب الخصخصة على نظام الرعاية الصحية في لبنان. وعلى الرغم من توفر نظام صحي عام، إلا أنه يتسم بالهشاشة وبمحدودية القدرة على الاستجابة بعد سنوات من الإهمال ونقص التمويل، ما سلب منه أي قدرة على التعامل مع احتياجات الرعاية الصحية الآخذة بالتفاقم. ولهذا يعتمد عدد متزايد من السكان بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية لتلقي الرعاية الطبية. وتفيد 33 في المئة من الأسر[9] بأنها غير قادرة على الوصول إلى الرعاية الصحية ويعاني أكثر من نصف السكان للحصول على الأدوية الأساسية. وفي عرسال والهرمل في شمال

شرق البلد، حيث تقدم أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الأساسية، سجلت فرقنا ارتفاعًا بنسبة 67 في المئة في عدد المصابين بأمراض غير معدية ممن يطلبون الرعاية في عياداتنا، إذ ارتفع عددهم من 2890 عام 2019 إلى 4828 مريضًا حتى مطلع عام 2023.

هذا ولاحظت فرق أطباء بلا حدود توجهًا مقلقًا لبعض المرضى الذين يتجنبون طلب الرعاية الصحية كليًا لعدم قدرتهم على تغطية تكاليفها، لا سيما عندما يحتاجون إلى دخول المستشفى. وفيما نوفر في أطباء بلا حدود بشكل أساسي خدمات الرعاية الصحية الأساسية في مرافقنا، نشهد ارتفاعًا في عدد المصابين بحالات طبية معقدة يقصدوننا بحثًا عن بدائل لدخول المستشفى خشيةً من تكبّد تكاليف باهظة. وفي بعض الحالات، يرفض المرضى إحالتهم إلى المستشفى حتى لو تطلّب وضعهم الطبي ذلك.

في الوقت نفسه، هاجر عدد كبير من الأطباء والممرضات أو اختاروا العمل بدوام جزئي خارج البلد، ما أدى إلى انخفاض كبير في جودة الرعاية الصحية المتخصصة.

MSF_ARB_Social Media_Post3_20112023
مخيم شاتيلا للاجئين الذي يبعد 4 كيلومترات عن وسط بيروت. التقطت في 5 فبراير 2018 (أطباء بلا حدود/إليزا فورت)

3. كيف تؤثّر الأزمة الاقتصادية على اللاجئين والمهاجرين؟

أثرت الأزمة الاقتصادية في لبنان بصورة متفاوتة على اللاجئين والعمال المهاجرين المقيمين في البلد. لطالما واجهت هذه المجتمعات ظروفًا صعبة ومعاناتهم قد تفاقمت مع بدء الأزمة.

من زقاق في خيم ريف الشام في عرسال، شمال شرق لبنان. التقطت في 8 ديسمبر 2020 (كارين بيير/هانز لوكاس لصالح أطباء بلا حدود)

فالأسر السورية التي أتت إلى لبنان بحثًا عن الأمن والاستقرار تعاني لتلبية احتياجاتها الأساسية، إذ يعتمد تسعة من كل عشرة أشخاص على للمساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. ومع أن الحاجة إلى المساعدات الإنسانية تبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى، تضاءل تمويل المساعدات التي تستهدف اللاجئين السوريين في السنوات الأخيرة. وكان أبرز مثال على ذلك تخفيض اليونيسف لإمدادات المياه النظيفة من 30 لتراً إلى 7 لترات للشخص الواحد قبل أسابيع من تفشي وباء الكوليرا في لبنان، علمًا أنها عادت لتوفير 20 لترًا من المياه مؤخرًا. نتيجة لذلك، تشهد أطباء بلا حدود منذ بداية العام ارتفاعًا مقلقًا في حالات الالتهابات الجلدية ما يسلّط الضوء على صعوبة الظروف المعيشية للاجئين.

بصورة متزامنة، ساهمت الأزمتان الاقتصادية والسياسية في لبنان في تعزيز المشاعر المعادية للاجئين على نحو مؤرق. وأصبحت التدابير التمييزية والمراقبة المشددة والقيود على حقوق الإنسان أمرًا شائعًا يواجه اللاجئين السوريين بانتظام.

4. ماذا عن التفشي الأخير للكوليرا؟

لم يشهد لبنان انتشارًا للكوليرا على مدى ثلاثة عقود حتى تفشي الوباء مؤخراً في عام 2022. وتُعدّ عودة انتشاره دليلًا صارخًا على التدهور الشديد في الظروف المعيشية.

فرق منظمة أطباء بلا حدود تقوم بتطعيم ضد الكوليرا في إحدى المدارس في عرسال، لبنان. تم التقاط الصورة في 23 نوفمبر 2022 (كارمن يحشوشي/أطباء بلا حدود)

يُعزى انتشار الكوليرا بشكل أساسي إلى نقص المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي المواتية. وتعدّ عودة ظهوره في لبنان حيث لم يستوطن لعقود مؤشرًا واضحًا على رداءة البنية التحتية في البلد.

5. كيف تستجيب منظمة أطباء بلا حدود للوضع؟

تعمل أطباء بلا حدود من دون انقطاع في لبنان منذ عام 2008 لضمان توفر الرعاية الصحية المجانية للمجتمعات الأكثر حاجة، بما في ذلك المواطنون اللبنانيون والنازحون والعمال المهاجرون.

اليوم، تشغّل أطباء بلا حدود نحو ست عيادات للرعاية الصحية الأساسية في شمال لبنان وشمال شرقه وفي بيروت، بما في ذلك مركز ولادة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت. وتتنوع خدمات الرعاية الصحية التي توفرها بين دعم الصحة الإنجابية وخدمات الصحة النفسية وعلاج الأمراض غير المعدية وتوفير التطعيمات الروتينية للأطفال.

إضافة إلى ذلك، تسعى استراتيجيتنا إلى تعزيز قدرات مقدمي الرعاية الصحية على المستويين المحلي والوطني، بما يتماشى مع رؤيتنا القائمة على بناء استجابة مستدامة وطويلة الأجل. يتضمن ذلك تدريبًا مكثفًا للكوادر، والتبرع بالأدوية الحيوية، ودمج خدمات الصحة النفسية والعمل الاجتماعي في مرافق الرعاية الصحية، فضلًا عن توفير الإمدادات الطبية وإطلاق برامج بناء القدرات في مرافق صحية متنوعة في لبنان. هذا ونتعاون مع المنظمات المحلية لتعزيز المبادرات المجتمعية لتلبية الاحتياجات سريعة التطور.

أربع سنوات من التفكك: أعماق أزمة لبنان الاقتصادية وأثرها على الصحة
Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print