لبنان: النجاة من الحرب بالرعاية المجتمعية
فيما تلقي الحرب في لبنان بظلالها دمارها على ملايين الناس في جميع أنحاء البلاد، تمثل المبادرات التي يقودها المجتمع والجهود المحلية دليلًا على التضامن والأمل الباقيين في المجتمع اللبناني.
وفي قلب بيروت، توفر إحدى هذه المبادرات شريان حياة للنازحين في اللعازارية، والذي كان مبنى تجاريًا حيويًا في السابق، وأصبح الآن ملجأً لأكثر من 2,500 شخص نزحوا بسبب القصف والتوغلات الإسرائيلية.
تدعم أطباء بلا حدود تنفيذ مشروع المطبخ الذي يقدم وجبات مجانية للأشخاص هنا والذي أطلقته “أحلى فوضى”، وهي منظمة محلية غير حكومية، إلى جانب مطعم برزخ.
يقول خضر الأخضر، مدير العمليات في برزخ، “لقد بدأنا من الصفر. فمنذ بداية الحرب وتدفق النازحين [إلى هذه المنطقة]، عملنا بشكل وثيق مع جمعية “أحلى فوضى” لتوفير الطعام. يهدف هذا المشروع إلى توفير وجبات الطعام، إلى جانب تزويد مكوناته وتدريب الأشخاص المقيمين هنا في اللعازارية على إعداد الوجبات وطهيها بأنفسهم، مع التركيز على سلامة الغذاء ونظافته”.
ولتشغيل مشروع المطبخ، قام الفريق اللوجستي في أطباء بلا حدود بتحويل مساحة كانت فارغة سابقًا في اللعازارية إلى مطبخ يعمل بكامل طاقته، بينما قام كل من “أحلى فوضى” وبرزخ بتجهيز المرفق كي يلبي معايير النظافة والسلامة، إلى جانب تدريب السكان على إعداد الوجبات بأنفسهم باستخدام المكونات التي وُفّرت مجانًا. يقدم المطبخ الآن قرابة 2,500 وجبة يوميًا.
واجه لبنان سلسلة من الأزمات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الانفجار الهائل لمرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020 والانهيار الاقتصادي الذي يصنف ضمن الأسوأ في العالم. وقد أدى التصعيد الأخير للهجمات الإسرائيلية في البلاد إلى نزوح أكثر من مليون شخص منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتُرك كثر في ظروف معيشية غير مستقرة. فإضافة إلى الأزمة المتعددة الأوجه التي طال أمدها، دفع التصعيد جميع السكان إلى حافة الانهيار.
المبادرات المماثلة لمشروع المطبخ في اللعازارية تمثل أساليب عملية للرعاية المجتمعية والنجاة والاستمرار، وتمنح شعورًا بالأمل والدفء.
تقول عزيزة التي نزحت من جنوب بيروت والمقيمة الآن في ملجأ اللعازارية، “أنا فخورة بكوني جزءًا من هذا المطبخ. فقد الكثير من الناس هنا وظائفهم بسبب الحرب أو أنفقوا آخر ما لديهم من نقود على الاحتياجات الأساسية خلال الأشهر الماضية. لم يعد لديهم مال يكفي للبقاء على قيد الحياة. عندما علمت أن [المطبخ] بحاجة إلى دعم، تطوعت. نقوم معًا بما في وسعنا لتجاوز هذا الوضع. آمل، بإذن الله، أن ينتهي هذا الوضع عما قريب وأن تتحسن الأمور”.
دعمت أطباء بلا حدود كذلك مبادرات مجتمعية أخرى (مع التركيز على توفير الغذاء) في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك في صيدا وصور في جنوب البلاد. ومنذ تصعيد القصف الإسرائيلي في 23 سبتمبر/أيلول 2024، قدمت أطباء بلا حدود ما مجموعه 7,432 وجبة طعام و7,342 بطانية و6,050 فرشة و79,504 لتر من مياه الشرب و8,013 مجموعة مستلزمات النظافة الصحية و6,678,000 لتر من المياه قُدّمت للملاجئ في جميع أنحاء لبنان.