متاح أيضاً باللغة
لبنان: نقص المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي يهدد القدرة على احتواء انتشار الكوليرا
تتكشف الإصابات بالكوليرا، لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود في لبنان، تزامناً مع الأزمة الاقتصادية وأزمة المحروقات المستمرة التي أدت إلى تفاقم محدودية الوصول إلى مياه الشرب الآمنة وشبكات إدارة النفايات التي تعمل بشكل صحيح في لبنان، مما يهدد بانتشار شامل للمرض. فشبكات إدارة النفايات قديمة وضعيفة بالفعل، ولا تتم صيانتها بانتظام، وتتسرب إلى الشوارع والمنازل. كما أدى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق إلى توقف مضخات المياه التي تعتمد على الطاقة عن العمل لفترة طويلة مما تسبب في جفاف صنابير المياه في المنازل.
نتيجة لذلك، يعتمد الناس على نقل المياه بالشاحنات بشكل غير منظم للحصول على إمدادات المياه الخاصة بهم. بعد أن أثقلت الأزمة المالية كاهلهم، يعتمد الأشخاص الآخرون، وخاصة في الأماكن المزدحمة والفقيرة، ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف إمدادات المياه الخاصة، على الأنهار والبرك الملوثة لتغطية احتياجاتهم من المياه. في الوقت عينه، فإن نقص الإمدادات الطبية والتشخيصات يحد من قدرة الناس الحصول على الرعاية في المستشفى.
منذ بداية تفشي المرض، كثفت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) جهودها في لبنان لدعم الحد من تفشي المرض وعلاج المرضى.
منذ إعلان تفشي المرض في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، توفي 19 شخصًا نتيجة للمرض شديد العدوى، مع ارتفاع عدد الحالات المؤكدة والمشتبه بها إلى 3671 اعتبارًا من 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
الاستجابة لتفشي المرض: رعاية المرضى والتطعيم
في سهل البقاع، قامت منظمة أطباء بلا حدود بتكييف وحدة في مستشفاها في بر الياس كي تكون قادرة على استقبال وعلاج مرضى الكوليرا بسعة 20 سريراً، وحيث يمكن أن يزداد عددها حسب الحاجة. منذ افتتاحه في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، استقبلنا ثلاثة وثلاثين مريضًا في وحدة علاج الكوليرا الخاصة بنا. يضمن التكييف الذي تم إجراؤه استمرار تشغيل الخدمات الأخرى في المستشفى، بشكل أساسي من أجل العمليات الجراحية الحادة والعناية بالجروح. كما نستعد لإدارة مستشفى ميداني بسعة عشرين سريراً في عرسال، وهي منطقة في شمال شرق لبنان حيث يقع أقرب مستشفى عام على بعد أربعين كيلومتراً.
للحد من انتشار المرض، لا سيما في المناطق الفقيرة والمكتظة في لبنان حيث تنتشر الأمراض المعدية مثل الكوليرا بسرعة، مما يعرض الأشخاص الذين يعيشون هناك لخطر الإصابة بالمرض، تقوم منظمة أطباء بلا حدود أيضًا بالتطعيم ضد الكوليرا في عرسال وطرابلس وعكار، وبعلبك – الهرمل في شمال وشمال شرق لبنان كجزء من حملة التطعيم الوطنية التي بدأت في البلاد على مدى ثلاثة أسابيع. في غضون أسبوع واحد، قامت فرقنا إجمالاً بتلقيح 14224 شخصًا واستهداف 150000 شخص.
تجري أنشطة التطعيم كجزء من جهد منسق بين وزارة الصحة العامة والمنظمات الدولية والمحلية لإدارة 600 ألف لقاح ضد الكوليرا حصل عليها لبنان، كمرحلة أولى من اللقاحات، لمكافحة تفشي الكوليرا المعلن عنه مؤخرًا في البلاد.
نشر الوعي في المجتمع وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية
مع تسجيل آخر حالة إصابة بالكوليرا في لبنان عام 1993، فإن رفع مستوى الوعي حول كيفية انتشار المرض وكيفية الوقاية منه وعلاجه يعد خطوة حيوية لدعم احتواء المرض. تتنقل فرق منظمة أطباء بلا حدود في سهل البقاع، في الشمال وشمال شرق لبنان، وتتجول في الأحياء، وتزور المنازل والمتاجر والمخيمات، وتبحث بنشاط عن الأفراد لرفع مستوى الوعي بشأن المرض وإجراءات الوقاية منه.
تصرّح الدكتورة كالين رحيم: “لقد قدمنا التدريب للعاملين في مجال الرعاية الصحية وعاملي الصحة الاجتماعية من بين مختلف الجهات الفاعلة في محاولة لدعم نظام الرعاية الصحية والمجتمعات للتعامل مع تفشي المرض”.
منذ بداية تفشي المرض، قدمنا أكثر من 17 تدريبًا لمجموعة مكونة من 148 موظفًا ومساعدًا طبيًا.
تدابير الوقاية ورعاية المرضى ضرورية ولكنها ليست كافية
إن تعزيز تدابير الوقاية من الكوليرا والتطعيم ضد الكوليرا ورعاية المرضى كلها عناصر أساسيّة عند مكافحة تفشي الكوليرا. ولكن، من المتوقع ظهور حالات الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى المنقولة بالمياه، وانتشارها بشكل أكبر لتصبح ظاهرة متكررة بانتظام في لبنان إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ذات مغزى لضمان وصول الناس إلى مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي في البلاد.
يجب على الجهات الفاعلة الدولية والمحلية المعنيّة اتخاذ تدابير هادفة لضمان الوصول إلى خدمات إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي للأشخاص الذين يعيشون في لبنان.