لبنان
دورنا ونهجنا
تعمل منظمة أطبّاء بلا حدود في البلاد من دون أيّ انقطاع منذ عام 2008. وتقدّم الرعاية الطبية المجانية للفئات المحتاجة في لبنان، سواء كانوا من اللبنانيين أو اللاجئين أو العمال المهاجرين.
في الأعوام الماضية ونتيجة للانهيار الاقتصادي المستمر في البلاد، ازدادت الاحتياجات الإنسانية للناس بشكل كبير، وقمنا بتكييف مشاريعنا وفقًا لذلك. وفي حين تمّ العمل على تكييف استجاباتنا الطبية وفقًا للاحتياجات المحدّدة، فإنّ معظم خدماتنا الطبية متاحة للجميع. كما شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في عدد اللبنانيين القادمين إلى مرافقنا الطبية.
نتمتّع بالقدرة على الاستجابة لأنواع مختلفة من حالات الطوارئ الطبية وفي عام 2023 زدنا دعمنا للاستجابة للاحتياجات الناجمة عن الاشتباكات المسلحة في عين الحلوة. كذلك استجابت فرقنا للاحتياجات الناجمة عن التصعيد المسلح على طول الحدود اللبنانية الجنوبية والذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في الوقت نفسه، يعد تعزيز وتحسين قدرة مقدمي الرعاية الصحية على المستويين المحلي والوطني أولويّة. لذلك نعمل باستمرار على زيادة دعمنا لوزارة الصحة العامة اللبنانية، من خلال تدريب طاقم العمل، والتبرع بالأدوية والمستلزمات الطبية، وبناء قدرات المرافق الصحية المختلفة في جميع أنحاء لبنان.
اليوم، تشمل أنشطتنا طويلة الأجل الرعاية الصحية الإنجابية، والرعاية الصحية النفسية، وعلاج الأمراض غير السارية، واللقاحات الروتينية للأطفال، بالإضافة إلى تمكين المنظمات المحلية غير الحكومية والمبادرات الصحية في جميع أنحاء البلاد.
في عام 2023، أقامت أطباء بلا حدود شراكة تعاونية مع جمعية بوزيتيف أون غلوكوز المحلية، وهي منظمة محلية غير حكومية مكرسة لدعم الأفراد المتعايشين مع السكري. أعطت فرقنا – بالشراكة مع بوزيتيف أون غلوكوز – الأولوية للاحتياجات المتنوعة للأفراد المتعايشين مع السكري من خلال الانخراط في الجهود التي تقودها العيادات والمجتمع لتصميم خدمات الرعاية الصحية الشاملة وتقديمها. يتمحور تعاوننا حول فهم أفضل لإدارة السكري لا يقتصر على المنظور الطبي، بل أيضًا على التحديات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي قد يواجهها الأشخاص المتعايشون مع السكري.
اليوم، يشعر الكثير من الناس في لبنان بالقلق بشأن قدرتهم على وضع الطعام على المائدة أو العثور على الأدوية التي يحتاجونها. هناك شعور قوي بالتضامن الاجتماعي والمجتمعي في لبنان، وغالبًا ما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للناس من خلالها البقاء على قيد الحياة. وتعكس الزيادة الأخيرة في عدد المغادرين عن طريق البحر حاجة الناس واليأس المتكرّر الذي يعيشه الأشد حاجة في البلاد. إنّ الأعداد المتزايدة من العاملين في المجال الصحي الذين يغادرون لبنان بحثًا عن فرص عمل وظروف معيشية أفضل في الخارج هي مؤشر على الوضع الصعب الذي يعيشه البلد.
تقدم أطباء بلا حدود منذ عام 2020 الرعاية الصحية الأساسية للعمال المهاجرين في عيادتنا في بيروت. ونتيجة لظروف عملهم وتاريخ هجرتهم، فلهذا المجتمع الهش احتياجات كبيرة إلى الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. هذا وقد تفاقمت هذه الاحتياجات بسبب الأزمة الاقتصادية وجائحة كوفيد-19، مما صعّب الوصول إلى نظام الرعاية الصحية اللبناني.
ولمواجهة هذه التحديات، يقدم فريقنا خدمات مثل الاستشارات الطبية العامة، واستشارات الصحة النفسية، والوصول إلى العاملين الاجتماعيين وتوفير الأدوية العامة، وكل ذلك مجاناً للمرضى. يدعم فريقنا الطبي مسؤولو التوعية الصحية المجتمعية من الجنسيات المختلفة لمساعدتنا على الانخراط مع المجتمعات واكتساب فهم متمكن لمختلف ثقافات العمال المهاجرين والسلوكيات المتعلقة بالبحث عن الرعاية الصحية كي نزودهم بخدمات ملائمة. كذلك يقوم فريقنا الطبي والعاملون الاجتماعيون بالإحالة إلى شبكة من الشركاء الخارجيين لإكمال حزمة الرعاية. وهذا يغطي الرعاية في المستشفى والحماية والاحتياجات القانونية والأساسية.
وسعنا في عام 2023 نطاق خدماتنا إلى موقعين إضافيين في بيروت، مما أتاح لنا الوصول إلى عدد أكبر من الناس وتزويدهم برعاية صحية عالية الجودة.
منذ عام 2013، تدير منظمة أطبّاء بلا حدود عيادات في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، حيث تعيش المجتمعات المحتاجة في بيئة حضرية سريعة التطور، مع وصول محدود أو غير كافٍ إلى الخدمات الاجتماعية والصحية. وتعاني هذه المناطق من الظروف المعيشية القاسية، والوصول المحدود إلى مياه الشرب النظيفة أو قلة إتاحتها، والكهرباء المحدودة، وسوء خدمات الصرف الصحي والبنية التحتية.
تشمل خدماتنا الرعاية الصحية الإنجابية واللقاحات الروتينية والرعاية الصحية النفسية وأنشطة التوعية الصحية ورعاية المرضى الذين يعانون من الأمراض غير السارية، مع التركيز على مرضى الصرع والمرضى الذين يحتاجون إلى الأنسولين. كما تقدّم فرقنا أيضًا الرعاية الطبية المنزلية في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة للمرضى طريحي الفراش الذين لديهم وصول محدود إلى المرافق الصحية بسبب تقييد حركتهم.
وحتى نهاية عام 2023، أدرنا مركزًا للولادة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي حيث ساعدنا النساء الحوامل من دون مضاعافات على الولادة بشكل طبيعي من خلال نموذج رعاية بقيادة القابلة. أحيلت النساء اللواتي يعانين من حالات الولادة المعقدة والحالات الطبية الطارئة إلى مستشفيات أخرى للحصول على رعاية متقدّمة. سُلمت إدارة مركز الولادة إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فيما نُقلت خدمات ما قبل الولادة وما بعدها إلى عيادتنا في برج البراجنة.
تعمل أطبّاء بلا حدود أيضًا مع عديد من مراكز الرعاية الصحية الأساسية في جبل لبنان بهدف دعم النظام الصحي اللبناني من خلال بناء قدرات الفريق وسد النقص في الأدوية الخاصة بالأمراض غير السارية.
في العام الماضي في وادي خالد، شغّلت أطباء بلا حدود عيادة قدمت الرعاية الصحية النفسية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية (بما في ذلك رعاية ما قبل الولادة ورعاية ما بعد الولادة وخدمات منع الحمل) للمجتمع المحلي والقرى المحيطة. كذلك نفذت فرقنا برنامج تطعيم موسع للأطفال دون سن 18 عامًا. نُفّذ برنامج التطعيم في عيادة أطباء بلا حدود ومن خلال أنشطة التوعية الميدانية في المنطقة. وفي جهد تعاوني، دُمجت خدماتنا للرعاية الصحية الإنجابية – والتي كانت تُقدَّم سابقًا في عيادتنا – في مركز المقاصد للرعاية الصحية الأساسية في يوليو/تموز 2023، ثم دُمجت جميع خدمات أطباء بلا حدود ضمن المركز بحلول نهاية عام 2023. يتماشى هذا التعاون مع استراتيجيتنا الرامية إلى تعزيز قدرات الرعاية الصحية المحلية في لبنان وتقوية نظام الرعاية الصحية المحلي، بما يضمن حصول المجتمع المحلي على الرعاية الصحية بشكل مستدام وطويل الأمد. ويُقدّم ضمن هذا التعاون الدعم التقني واللوجستي وتعزيز قدرات الكادر الطبي والتبرع بالموارد للمقاصد.
كذلك وضعت فرقنا نظام رقابة مجتمعية لمراقبة أي أنماط وتوجهات مرتبطة بالصحة، إلى جانب زيارات منتظمة للمجتمعات المحلية لرفع مستوى الوعي حول المواضيع الصحية الرئيسية وتعزيز السلوكيات الصحية.
تدهورت الظروف المعيشية في طرابلس مع مرور الوقت بسبب قلة المساكن، والبنية التحتية المستنفدة، ونقص المياه النظيفة والصرف الصحي، والوصول غير الكافي للخدمات الاجتماعية. يعاني نظام الرعاية الصحية في المدينة من ضغوطات كبيرة ويواجه الكثير من التحديات التي تتعلق في المقام الأول بضمان حصول الناس على خدمات الرعاية الصحية والأدوية. في يونيو/حزيران 2022، أطلقت منظمة أطبّاء بلا حدود مشروعًا لدعم أربعة مرافق للرعاية الصحية الأساسية في طرابلس لتعزيز الرعاية للأمراض غير السارية وخدمات الصحة النفسية من خلال حزمة رعاية شاملة تركز على المريض، بما يتماشى مع توصيات وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية. كما توفر فرقنا التوجيه الفني وبناء القدرات للمعالجين في المرافق الشريكة، بالإضافة إلى الأنشطة المجتمعية ودعم المرضى غير المصابين بأمراض غير سارية ودعم أنشطة الصحة النفسية وأنشطة التوعية الصحية والدعم في شراء الأدوية.
في بعلبك – الهرمل شمال شرق البلاد، تدير فرقنا عيادة واحدة في عرسال وأخرى في الهرمل. في كلتا العيادتين، توفر منظمة أطبّاء بلا حدود خدمات الرعاية الصحية الأساسية للمرضى الذين يعانون من أمراض غير سارية (مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والربو والصرع) وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء، والاستشارات الطبية للأطفال وخدمات الصحة النفسية للمجتمعات المحتاجة في المناطق المحيطة. كذلك توفر أطباء بلا حدود الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة للمستشفيات الشريكة (الولادات ورعاية حديثي الولادة والأطفال ورعاية مضاعفات الأمراض المزمنة).
وضعت فرقنا في كلتا المنطقتين نظام رقابة مجتمعية لمراقبة أي أنماط وتوجهات مرتبطة بالصحة، إلى جانب زيارات منتظمة للمجتمعات المحلية لرفع مستوى الوعي حول المواضيع الصحية الرئيسية وتعزيز السلوكيات الصحية.
بدءًا من عام 2018، كانت أطبّاء بلا حدود تدير مستشفى في بر الياس يوفر رعاية صحية ثانوية بشكل رئيسي للفئات السكانية المحتاجة ذات الوصول المحدود إلى الرعاية في المستشفيات وسط البقاع. وفر المستشفى الذي ضم 26 سريرًا الجراحة الطارئة والجراحة الاختيارية الأساسية، بما في ذلك الجراحة النسائية وجراحة الأطفال. كذلك وفر فريقنا رعاية للجروح بقيادة الممرضات للمرضى الذين يعانون من جروح مزمنة، ودعم الصحة النفسية وأنشطة التوعية الصحية، سواء داخل المستشفى أو في المجتمع.
كذلك قدّمت فرقنا في بر الياس علاج التلاسيميا للأطفال والدعم الطبي لغرف الطوارئ في مستشفيين حكوميين في مشغرة وخربة قنافار.
وفي يونيو/حزيران 2023، انهينا أنشطتنا في مستشفى بر إلياس تبعًا للاتفاق مع وزارة الصحة العامة.
في أغسطس/آب 2023، وفي أعقاب الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين، سارعت أطباء بلا حدود بالاستجابة من خلال تقديم المساعدة الطبية وغير الطبية لسكان المخيم. وقدمت فرقنا المواد غير الغذائية مثل الفرش والبطانيات ومياه الشرب للعائلات النازحة وزودت المرافق الصحية المحلية والعاملين في مجال الصحة المجتمعية بقرابة طن من الإمدادات الطبية. ومع انخفاض حدة التوترات، قدم ممرضونا وأطباؤنا ومسعفونا في العيادات المتنقلة الرعاية الطبية المجانية، بما في ذلك العناية بالجروح وعلاج الأمراض غير السارية وخدمات الصحة النفسية.
نشرت أطباء بلا حدود فرقًا طبية متنقلة لدعم مركزين للرعاية الصحية الأساسية في النبطية، استجابةً للتصعيد المسلح في جنوب لبنان الذي أدى إلى نزوح الآلاف. تضمَن استجابتنا استمرار حصول النازحين على الرعاية الصحية. كذلك بدأ فريقنا المتنقل بالاستجابة للاحتياجات الطبية في أحد الملاجئ الجماعية في الزهراني في صيدا، وهي إحدى المناطق التي تضم أكبر عدد من النازحين. يهدف الفريق المتنقل إلى ضمان الوصول المستمر إلى الرعاية الصحية للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى متابعة علاجهم أو استشاراتهم خلال نزوحهم. يقدم الفريق أيضاً الإسعافات الأولية النفسية وإحالة من يحتاجون إلى مزيد من الدعم الصحي النفسي إلى مراكز الرعاية الصحية الأساسية أو المنظمات الأخرى للمتابعة.
استوردنا كذلك عشرة أطنان من الإمدادات الإضافية وخزنّا الإمدادات والمواد الطبية في عدد من مستشفيات ومرافق لبنان.
وبالتزامن مع ذلك وتماشياً مع خطة الطوارئ والتأهب التي وضعتها وزارة الصحة العامة وبالتعاون مع مختلف الشركاء في مجال الصحة، أجرت فرقنا أيضاً دورات تدريبية للعاملين في مجال الرعاية الصحية. تركّز هذه الدورات على العناية بالإصابات البالغة وإدارة الإصابات الجماعية، وقد قُدِّمت في عدد من المستشفيات في المناطق المتضررة. تهدف جهود التدريب إلى تعزيز قدرة المستشفيات على الاستجابة في حالات الطوارئ، خاصة وأن قطاع الرعاية الصحية كان أحد القطاعات الرئيسية التي تضررت من الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد.