استجابة أطباء بلا حدود للحرب في لبنان
نزوح جماعي غير مسبوق واحتياجات إنسانية عاجلة
آخر تحديث: 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024
بعد عام من إطلاق النار المتبادل يوميًا عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله، تصاعدت وتيرة الحرب في لبنان بشكل كبير في منتصف سبتمبر/أيلول 2024. فقد اشتدت الهجمات الإسرائيلية على لبنان، ما أثر بشدة على المجتمعات في جميع أنحاء جنوب لبنان ومنطقة البقاع وضاحية بيروت الجنوبية.
ازداد تصعيد الحرب أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2024 مع الهجمات البرية في جنوب لبنان، والتي رافقها تكاثر الغارات الجوية التي وصلت إلى وسط بيروت وجبل لبنان ومناطق أخرى في الشمال.
وبحسب السلطات الصحية اللبنانية، فقد لقي أكثر من ثلاثة آلاف شخص مصرعهم وأصيب أكثر من 14 ألف شخص منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما يشهد لبنان أيضًا موجة نزوح غير مسبوقة، حيث أفادت المنظمة الدولية للهجرة بنزوح قرابة 879 ألف شخص وتضرر 1.2 مليون شخص.
ويُعد العاملون في مجال الرعاية الصحية من بين المتضررين بشكل كبير، حيث أدت أعمال العنف المستمرة إلى وقوع عشرات الإصابات والضحايا، إلى جانب الكثير من الهجمات على المرافق الطبية. تتسبب هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بإعاقة الوصول إلى الرعاية الصحية في لبنان.
كيف تؤثر الحرب على السكان؟
التأثير الإنساني
مدمِّرة هي الآثار الإنسانية للحرب في لبنان. فقد تجاوز حجم النزوح بمراحل قدرة البلاد على توفير المأوى والاحتياجات الأساسية. فقد أجلى الآلاف من منازلهم بلا شيء، وفقد الكثير منهم مصادر رزقهم، ما خلق حاجة ماسة إلى الإمدادات مثل الفرش والبطانيات ومستلزمات النظافة الشخصية والرعاية الطبية والدعم النفسي.
أدى النقص في الملاجئ المتاحة إلى ارتفاع بحدة التمييز والإقصاء، ما أثر خاصةً على الأقليات مثل اللاجئين من الفلسطينيين والسوريين والعاملات والعمال المهاجرين. وما يزيد من حدة الأزمة أن أوامر الإخلاء الشاملة التي تصدرها القوات الإسرائيلية تجبر الناس على الإجلاء، ما يزيد من زعزعة الاستقرار ويفاقم الأزمة.
وغالبًا ما تفشل أوامر الإخلاء الجماعي، كالتي فرضت ضمن بعلبك، في تلبية معايير أوامر الإخلاء الفعالة، والتي تتطلب تحذيرًا ملموسًا وقابلًا للتنفيذ، وتتيح للمدنيين الوقت الكافي للانتقال إلى مناطق آمن.
وفي خضم العنف المستمر وانعدام اليقين، تحطَّم أي حس بالحياة الطبيعية. فالأسر التي تعاني أساسًا من أجل البقاء تواجه أعباءً نفسية هائلة، وتعيش في خوف دائم وانعدام للأمن.
تحديات الوصول إلى الرعاية الصحية
تفاقم الحرب في لبنان الأزمة الإنسانية المستمرة، ما يزيد من حدة الاحتياجات الموجودة أساسًا في جميع أنحاء البلاد. وبعد أن عانى نظام الرعاية الصحية لفترة طويلة من المصاعب الاقتصادية، فهو يخضع الآن لضغوطات هائلة فيما تصارع المرافق الصحية لتلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة للسكان النازحين.
ويؤدي تكثيف الغارات الجوية الإسرائيلية وما يسمى بأوامر الإخلاء إلى زيادة تعطيل الوصول إلى الرعاية الصحية. فمنذ منتصف سبتمبر/أيلول 2024، أبلغ نظام مراقبة الهجمات على الرعاية الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية عن 44 حادثة استهدفت مرافق الرعاية الصحية، ما أدى إلى إصابة 63 شخصًا بجروح و91 حالة وفاة. أدت هذه الاعتداءات المتواصلة إلى الإضعاف الشديد لقدرة نظام الرعاية الصحية على تقديم الرعاية وحدّت من حصول الناس على الخدمات الطبية الأساسية.
أدت أزمة النزوح إلى إصابات بأمراض معدية مثل الجرب، وأُبلغ عن إصابة مؤكدة بالكوليرا في 16 أكتوبر/تشرين الأول. تتسبب الملاجئ المكتظة وظروف المياه والصرف الصحي غير الملائمة بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية، وتشمل الإسهال والالتهابات الجلدية، ما يؤكد الحاجة إلى دعم شامل للصحة والنظافة الصحية.
كما أدى النزوح إلى تعطيل حصول الأشخاص المصابين بأمراض غير سارية على الأدوية الأساسية. ويواجه الكثير من الأفراد الآن تحديات في إدارة الحالات المزمنة مثل الصرع وارتفاع ضغط الدم والسكري والربو ومرض الرئة.
واستجابةً لذلك، تتعاون أطباء بلا حدود وتنسق بشكل وثيق مع وزارة الصحة العامة وجميع الجهات الفاعلة الصحية الأخرى لضمان توفر الإمدادات الطبية والإنسانية والطواقم الطبية وفي المكان المناسب. وفي الوقت نفسه، تعمل فرقنا باستمرار على تقييم ورصد التطورات والاحتياجات المتعلقة بالصحة.
استجابة أطباء بلا حدود
عيادات أطباء بلا حدود
نشرت أطباء بلا حدود 22 وحدة طبية متنقلة في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت وجبل لبنان والجنوب (صيدا) والشمال (طرابلس) والبقاع وعكار، مقدمةً الإسعافات النفسية الأولية والاستشارات الطبية والأدوية والدعم النفسي.
خط مساعدة أطباء بلا حدود
أطلقت أطباء بلا حدود خط مساعدة هاتفي يوفر الدعم عن بُعد من قِبل اختصاصيين نفسيين سريريين لمساعدة الأشخاص على إدارة الأعراض المرتبطة بالصدمة النفسية مثل القلق والفقد.
توفير الوجبات والمياه والتبرعات
تدعم فرق أطباء بلا حدود المجتمعات النازحة من خلال توفير المياه للمدارس والمآوي التي لجأ إليها النازحون. كما تتعاون مع المبادرات المحلية لتقديم وجبات ساخنة لمئات العائلات النازحة. بالإضافة إلى ذلك، وزعت أطباء بلا حدود الإمدادات الأساسية، بما في ذلك البطانيات والفرش للمساعدة في تلبية احتياجات المتضررين الفورية.
دعم المستشفيات
تعمل أطباء بلا حدود على توسيع نطاق دعمها للمستشفيات في جميع أنحاء البلاد لتلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة. فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وحتى سبتمبر/أيلول 2024، خزّنت أطباء بلا حدود 88 طنًا من الإمدادات الطبية في مستشفيات ومرافق طبية في جميع أنحاء البلاد، وتتضمن هذه الإمدادات مجموعات العناية بالإصابات البالغة. بالإضافة إلى ذلك، تبرعت المنظمة بالوقود لعدة مستشفيات ودربت أكثر من 400 عامل في القطاع الرعاية الصحية على الاعتناء بالإصابات البالغة وإدارة الإصابات الجماعية في عشرة مستشفيات مختلفة في جميع أنحاء لبنان.
منذ 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تقدم الفرق الطبية التابعة لأطباء بلا حدود الدعم المباشر والعملي في غرفة الطوارئ وإحدى غرف العمليات في مستشفى بعبدا. وكذلك في المستشفى التركي في جنوب لبنان، تدعم أطباء بلا حدود غرفتي العمليات والطوارئ وقسم المرضى المقيمين.
الأنشطة المنتظمة
تواصل أطباء بلا حدود إدارة ودعم المرافق الصحية في ستة مواقع، مقدمةً خدمات الطب العام وطب الأطفال والرعاية الصحية الإنجابية والصحة النفسية، بالإضافة إلى علاج الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة. إلا إن بعض الأنشطة المنتظمة في بعلبك-الهرمل وبيروت قد تعطلت بسبب القصف الإسرائيلي المكثف في المنطقة.
مطالبنا
حماية المدنيين والبنى التحتية
نذكّر جميع الأطراف بضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية على الدوام. ويجب ضمان حماية الطواقم والمرافق الطبية والمرضى على الدوام.
زيادة الجهود الدولية
نحث الجهات الدولية الفاعلة على تكثيف جهودها للحد من التوترات في المنطقة، ومنع المزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح، وتجنب تفاقم الوضع الإنساني الهش أساسًا في لبنان.
الوصول المضمون للإغاثة الإنسانية
يجب السماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المحتاجين في جميع أنحاء البلاد، وفي المناطق الأشد تضررًا. ندعو أطراف النزاع إلى ضمان تدابير الأمن والسلامة لتسهيل إيصال الإغاثة الإنسانية.
دعم التهيئة الشتوية للسكان النازحين
ندعو المجتمع الدولي الإنساني، وخاصة الجهات المانحة، إلى توسيع نطاق جهود الاستعداد لفصل الشتاء بشكل كبير، إذ تواجه الكثير من الأسر النازحة في المناطق الجبلية ظروفًا شتوية قاسية.