متاح أيضاً باللغة
تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في السياقات المنخفضة الموارد
يرتبط توفير رعاية صحية عالية الجودة والمحافظة على سلامة المريض ارتباطًا وثيقًا باعتماد تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها. وعلى الرغم من أهمية هذه الأخيرة، تواجه السياقات المنخفضة الموارد أو المتضررة من جراء النزاعات صعوبات وعراقيل جمة تحول دون تطبيق تدابير فعالة للوقاية من العدوى ومكافحتها. وتجدر الإشارة إلى أن اعتماد هذه التدابير يعتبر أساسيًا وضروريًا في سبيل وقف انتشار العدوى المكتسبة في المرافق الصحية التي يمكن تجنبها. وفي هذا الصدد، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن اعتماد تدابير فعالة في هذا المجال يمكن أن يحد من العدوى المكتسبة في المرافق الصحية بنسبة 30 في المئة. وخلال أسبوع الوقاية من العدوى ومكافحتها الذي يحل بين 16 و24 تشرين الأول/أكتوبر، تُشاركنا المسؤولة المتخصصة في مجال الوقاية من العدوى ومكافحتها “ديا أبي حنا” بعض الحقائق المرتبطة بهذه التدابير والصعوبات التي تحول دون تطبيقها بشكل فعال في السياقات المنخفضة الموارد.
- ما أهمية الدور الذي يؤديه المتخصصون في مجال الوقاية من العدوى ومكافحتها؟
“يأتي المتخصصون ومسؤولو التنسيق في مجال الوقاية من العدوى ومكافحتها من خلفيات واختصاصات مختلفة كالتمريض والقبالة القانونية والطب والصحة العامة والصيدلة وأي اختصاص آخر يرتبط بالمجال الصحي، ويتلقى هؤلاء التدريب اللازم للعمل في هذا المجال. ويعمل مسؤولو التنسيق في مجال الوقاية من العدوى ومكافحتها على الخطوط الأمامية للوقاية من العدوى وإدارتها في مرافق الرعاية الصحية، كما يوفرون الدعم للاستجابات التي تجري في المجتمعات المحلية عبر نشر ثقافة السلامة بين المرضى والأسر والطواقم”.
- ما هي أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها للمحافظة على بيئة آمنة للمريض والطواقم على حد سواء؟
“تُعدّ المحافظة على سلامة المريض القاعدة الأساس التي تمهد الطريق أمام توفير رعاية صحية عالية الجودة للمرضى. وفي سبيل المحافظة على سلامة المرضى، لا بد من بذل قصارى الجهود لمنع ارتكاب أي خطأ قد يلحق الضرر بهم. فلا يمكن اعتبار الرعاية عالية الجودة ما لم تكن رعاية آمنة في المقام الأول. وعليه، لا بد من السعي إلى الوقاية من العدوى وتجنب انتشارها في سبيل حماية كل من المرضى والطاقم الطبي. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الكائنات الحية التي تتسبب بالعدوى كالفيروسات والبكتيريا تعدّ سهلة الانتشار نسبيًا من موقع إلى آخر، وبالتالي، من شخص إلى آخر. وبينما يشكل تطبيق تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها خطوةً ضرورية في حياتنا اليومية ككل، يحظى الالتزام بها بأهمية إضافية في مرافق الرعاية الصحية، حيث يقبع مرضى يعانون من أجهزة مناعية هشة أو جروح مفتوحة تتركهم أكثر عرضة للإصابة بعدوى.
وفي حياتنا اليومية، يمكن للجميع تجنب انتشار الأمراض والإصابة بها من خلال اتخاذ إجراءات وقائية والتصرف بمسؤولية. ويمكن إنجاز ذلك عبر الحفاظ على نظافة اليدين واتباع ممارسات مناسبة للنظافة الغذائية وتلقي اللقاحات عند الحاجة، وتناول المضادات الحيوية بناءً على وصفة طبيب حصرًا ومراقبة العدوى والآثار الجانبية المترتبة عنها من بين أمور أخرى”.
- ماذا تعلمنا عن تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها بعد تفشي جائحة كوفيد-19؟ وهل ما تعلمناه ما زال قيد التنفيذ؟
“شهد العالم تغيرات شتى منذ عام 2020 واكتشفنا خلال هذه الفترة ثغرات كثيرة في اعتماد تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، لا سيما من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يُعتبرون أكثر عرضة للخطر ويحتاجون إلى حماية أكبر وتدريبات إضافية بالمقارنة مع العاملين في المهن الأخرى. علاوة على ذلك، سلطت الجائحة الضوء على قصور ذاكرة الإنسان عن تذكر تدابير لا تفرضها عليه الظروف الآنية والالتزام بها. وفي هذا السياق، أود أن أشدد على أهمية ترسيخ تجربة جائحة كوفيد-19 في أذهاننا والاستثمار في الوقاية من العدوى على مستوى المجتمع ومرافق الرعاية الصحية على حد سواء. كما لا بد للجميع من أن يستمروا في التصرف بمسؤولية للاستعداد لأي خطر قد يلوح في الأفق، وذلك عبر الالتزام بالتوصيات المناسبة والمعتمدة للوقاية من العدوى والأمراض”.
- هل تبرز الحاجة إلى رفع مستوى الوعي حول أهمية الوقاية من العدوى ومكافحتها في الشرق الأوسط؟ وهل يجب صب التركيز على المرضى أو على العاملين في مجال الرعاية الصحية؟
“لا بد من السعي بشكل مستمر ودؤوب إلى توفير التثقيف اللازم ونشر التوعية في صفوف المرضى وأسرهم وبين العاملين في محال الرعاية الصحية، وذلك بصرف النظر عن نوع المرفق الصحي، سواء أكان مستشفى أو عيادة. وتجدر الإشارة إلى أن عدم الامتثال للإجراءات الرامية إلى الوقاية من العدوى ومكافحتها يقترن بتداعيات سلبية كبيرة على بيئة الرعاية وعلى حماية المريض وسلامة العاملين في المجال الصحي. وفي هذا السياق، يستمر بذل الجهود لتجاوز هذه العراقيل في الشرق الأوسط، كما هو الأمر في جميع أنحاء العالم”.
- ما هي التحديات الرئيسية التي تعرقل تطبيق تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها؟ وكيف يمكن إرساء وعي كامل حول هذه التدابير؟
“يمكن لأي مرفق صحي في العالم الاطلاع على الوثائق الإرشادية والتوصيات الصادرة في هذا الشأن، لكن تطبيقها يختلف اختلافًا شاسعًا بين سياق وآخر. فلا شك في أن عقبات كثيرة تعرقل تطوير برامج للوقاية من العدوى ومكافحتها في السياقات المنخفضة الموارد. علاوة على ذلك، يفضي تبني قيادة هشة لتنظيم الوقاية من العدوى ومكافحتها إلى تداعيات سلبية شتى على المرافق الصحية. ويشمل ذلك التمويل غير الكافي للأنشطة والنقص في الاستثمار في عاملين متخصصين ومتفانين في هذا المجال، بالإضافة إلى غياب سياسات وإجراءات خاصة بالوقاية من العدوى ومكافحتها ونقص الموارد بسبب القيود المفروضة على الميزانية. هذا وما زال الكثير من المستشفيات يفتقرون إلى البنى التحتية الأساسية التي تشمل عناصرًا من شأنها أن تتيح تطبيق تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، كعلاجات المياه غير النظيفة وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية. وتعاني المستشفيات أيضًا من نقص في تدريب الموظفين وضعف الامتثال للإجراءات المرتبطة بالوقاية من العدوى ومكافحتها (كالمحافظة على نظافة اليدين، وتنظيف وتطهير البيئة المحيطة، وإعادة معالجة المعدات الطبية القابلة لإعادة الاستخدام)، واللجوء إلى أنظمة غير مناسبة لمراقبة العدوى. وتقف كل هذه التحديات حاجزًا أمام اعتماد برامج للوقاية من العدوى ومكافحتها في السياقات المنخفضة الموارد.
في السياقات المتضررة من النزاع، يواجه اعتماد برامج فعالة للوقاية من العدوى ومكافحتها عراقيل محلية شتى تتبلور في صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية والمياه وخدمات الصرف الصحي وفي حاجة المرضى إلى تلقي الرعاية الطبية والجراحية الطارئة. وتفضي هذه العراقيل إلى ارتفاع معدلات العدوى المكتسبة في مرافق الرعاية الصحية، لا سيما عدوى الموقع الجراحي والعدوى المقاومة للمضادات الحيوية.
وفي سبيل اعتماد تدابير فعالة للوقاية من العدوى ومكافحتها، لا بد من إرساء خطة واضحة تحظى بقيادة متينة والسعي لتحقيق هدف واحد هو حفظ سلامة المرضى والطواقم وضمان الالتزام الإداري بهذا الشأن. ويتطلب تحقيق ذلك الحد الأدنى من الموارد، ما يعني أن اعتماد إجراءات مناسبة للوقاية من العدوى ومكافحتها في السياقات منخفضة الموارد ممكن كما هو الحال في السياقات عالية الموارد.
لا بد من أن يصبح اعتماد تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ممارسة يومية تُعتمد على نطاق واسع وألا تنحصر أهميتها خلال أسبوع الوقاية من العدوى ومكافحتها فحسب. إذا ما تكاتفنا جميعًا، يمكننا ان نعقد العزم على الوقاية من العدوى ومكافحتها واعتماد تدابير كفيلة بإنقاذ حياة الناس”.