جنوب لبنان: آلاف النازحين واحتياجات صحية طارئة
“لن أنسى صوت الغارة الجوية التي أيقظتنا في تلك الليلة، وأتشوق لأعود قريبًا إلى غرفتي القديمة”. كانت هذه كلمات زهراء، ابنة الـ11 عامًا، من بلدة عيتا الشعب نازحة في طير فلسيه جنوب لبنان.
توسعت رقعة نزاع غزة وإسرائيل إلى الجوار باتجاه لبنان، وخاصة على طول حدوده الجنوبية، حيث اندلعت اشتباكات مستمرة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول بين القوات الإسرائيلية وحزب الله. شهد النزاع تصعيدًا خلال الأشهر الأخيرة، مع اشتداد القصف الإسرائيلي الذي تسبب بنزوح أكثر من 94 ألف مدني لبناني وفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
في هذا الصدد يقول أبو محمد، 68 عاماً، نازح من بلدة عيترون إلى طير فلسيه، في جنوب لبنان “في بداية النزاع الأخير في جنوب لبنان، اعتقدنا أن الوضع سيكون كالمعتاد، أنه سيستمر لبضعة أيام أو ربما أسابيع، ثم سيتوقف. لكن عندما اشتد القصف الجوي، اضطررنا إلى ترك منزلنا ومزرعتنا والانتقال فورًا إلى منزل أحد أقاربي في طير فلسيه. هذه ليست أوّل مرة أنزح فيها، فخلال 6 عقود من حياتي، نزحت 4 مرات، في الثمانينيات وفي التسعينيات وفي عام 2006 والآن”.
لكن هذه المرة، لم تميّز مرارة النزوح بين صغير أو كبير، تقول زهراء “لطالما سمعت قصص والديّ عن النزوح على مر السنين، وقصص الحروب السابقة التي عاشوها ولم أكن أعتقد أنني سأعيشها بنفسي”.
لتقديم الخدمات الطبية للنازحين، قامت منظمة أطباء بلا حدود بإرسال فرق طبية متنقلة لدعم مراكز الرعاية الصحية الأولية في أربعة مواقع في جنوب لبنان: المروانية والغسانية وقعقعية الجسر وطير فلسيه.
قدمت فرقنا الطبية المتنقلة 1333 استشارة طبية، بالإضافة إلى توفير الأدوية والدعم النفسي والاجتماعي للنازحين.
“يقول أبو محمد “جئت إلى هذا المركز الصحي بعد أن أبلغتنا إدارتهُ أن منظمة أطباء بلا حدود ستزور المركز لتقدم الرعاية الطبية المجانية. فجئت هنا مع زوجتي لمتابعة مرض السكري وارتفاع ضغط الدم مع الطبيب والحصول على الأدوية. منذ وصولنا إلى هنا، لم نتلقَ أي مساعدة إنسانية من أي منظمة، باستثناء الزيارات الأسبوعية لأطباء بلا حدود إلى هذا المركز الصحي”.
ويختتم أبو محمد شهادته قائلاً “لولا تضامن الناس هنا في طير فلسيه وتوفيرهم المأوى والمنازل والطعام، لا أعرف كيف كان سينتهي بنا المطاف”.