علا بركات واجهت مجتمعها الأردني من أجل طموحاتها

علا بركات واجهت مجتمعها الأردني من أجل طموحاتها

الأخبار والأنشطة > الأخبار > علا بركات واجهت مجتمعها الأردني من أجل طموحاتها

واجهت الأردنية علا بركات تحديات كثيرة لتكون كما أرادت أن تكون في مجتمع محافظ. تقول: “أنا امرأة قبل أي شيء، وأم لطفلين، أيهم (أربع سنوات)، وآدم (ثمانية أشهر)”. تعمل كمشرفة على إحدى صيدليات منظمة “أطباء بلا حدود” في العاصمة الأردنية عمان، وقد أمضت تسع سنوات في العمل الإنساني وما زالت، وشهدت معاناة وأوجاع الكثير من الناس.

شعاري الوحيد الذي كان يرافقني أنه إن لم أطور نفسي سأصبح امرأة تعيسة وأماً حزينة. لا شيء سيقف بوجهي كامرأة، وسأحارب أي شيء سيعيق مسيرتي المهنية. سأضع عملي وعائلتي بين كفّي.
علا بركات، مشرفة صيدلية

تجربتها جعلتها أكثر قوة وحناناً، لتكمل مسيرتها المهنية بشغف، وتحقّق طموحاتها من دون أن تكترث للعادات والتقاليد التي تحدّ من طموحات المرأة. تقول إن عملها في المجال الإنساني ساعدها في خوض معارك تصفها بالناجحة من دون تردد أو خوف. وقبل أن تتسلّم عملها كمشرفة على الصيدلية، عملت في مخيمي الزعتري والأزرق للاجئين السوريين، واللذين يبعدان نحو 85 كلم شمال شرق عمّان. “هذه الرحلة اليومية كانت بمثابة التحدي الأول لي كامرأة عاملة في مجتمع تقليدي. كنتُ حديث المحيطين بي من نساءٍ ورجال وكانت تحاصرني الأسئلة: كيف تتنقلين وحدك مسافة طويلة كهذه؟ كيف تبتعدين عن أطفالك من أجل العمل؟ كيف تتجولين كامرأة بين اللاجئين؟ ألا تتعرضين للمضايقات أو حتى للتحرش؟”. تقول إن هذه الأسئلة لم تكن تزعجها لأنها كانت واثقة بما تقوم به.

ومع تفشّي كورونا، كان الصيادلة في الصفوف الأمامية لمواجهة كورونا. وهي من اللواتي وقفن إلى جانب الناس، وخصوصاً الأكثر تهميشاً. تقول: “لدى تفشي كورونا، كنت حاملاً في الشهر السابع، وعشت ثلاثة أشهر صعبة ما بين العمل والمنزل. لا أنكر أنني كنت خائفة، لأننا كحوامل معرضات أكثر من غيرنا لالتقاط عدوى الفيروس. لكنّني اتخذت إجراءات الوقاية كافة خوفاً على نفسي وعلى طفليّ”. 

لم تكن يومياتها عادية بين العمل والعائلة والدراسة، إلا أنها استطاعت تنظيم وقتها، هي الحريصة على إكمال دراستها العليا. تعمل في الصيدلية من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة عصراً. ثم تجلس مع أطفالها ثلاث ساعات وتدرس ثلاث ساعات أونلاين في ظل كورونا.

وكانت قد حصلت على منحة من “أطباء بلا حدود” لدراسة الماجستير في تخصص التدريب على الشؤون الإنسانية. واليوم، هي عاملة وأم وطالبة في أصعب مرحلة يمر بها العالم. هذه المهمات كانت بمثابة صدمة اجتماعية بالنسبة إلى محيطها. تقول: “كان الجميع يعتبرني ضعيفة لأنني امرأة، وكانوا يقولون لي: لا يمكنك كامرأة أن تعملي، وتربي، وتدرسي. نحن رجال ولا نستطيع القيام بكل ما تقومين به”. اعتادت على تعليقات الناس. مثلاً، يقولون لها إنها ترهق نفسها، أو يسألونها: ماذا تريدين من هذه الدنيا؟ وينصحونها بالاهتمام ببيتها وطفليها بدلاً من أخذ دورها ودور غيرها، “لكنني كنت أزداد قوة وعزيمة كلما سمعت هذه التعليقات السلبية”.

كل المهام تجعلني امرأة ناجحة مفعمة بالحياة ولا حدود لطموحاتي

تؤكد أن عملها في المنظمة فيه الكثير من التحديات، ومن بينها السفر. أتاح لها العمل في المنظمة السفر في مهمة إلى لبنان، بعدما تم اختيارها لخوض هذه التجربة. “الفرحة لم تسعني عندما قُبل طلبي للسفر. مهمتي كانت في صيدلية في أحد مستشفيات المنظمة في مدينة زحلة في محافظة البقاع. هذه الرحلة أو المهمة كانت محط أنظار كثيرين في مجتمعي، وشكلت صدمة بالنسبة لهم لأنني سأسافر مدة ستة أشهر وأترك عائلتي من أجل العمل. اعتبروني أماً غير صالحة ولم ينظروا يوماً إلى نجاحاتي. لكن بعد عودتي من مهمة لبنان، أصبحت مصدر إلهام للكثير من الأردنيات اللواتي يعملن معنا في المنظمة. زميلاتي تشجّعن للتقدم بمهمات سفر وهذا كان بمثابة إنجاز كبير لي”. 

تقول إن الشراكة بين الزوجين هي أكثر ما يميز أي علاقة ناجحة، مشيرة إلى أن زوجها كان السند الأكبر لها، وكان يشجعها على المغامرة “خلافاً لأكثرية الرجال في مجتمعنا”. وكان قد أكد لها أنه سيكون إلى جانبها في السرّاء والضراء. تضيف أن زوجها صحافي وحاصل على دكتوراه في الأدب العربي، ومنفتح، ويقدّر عملها ويحرص على أن تحقق طموحاتها، علماً أنّ معظم من حوله من رجال يرفضون تمكين زوجاتهم بالعلم والدراسة.

وتقول علا: “لا أنكر أن الضغوط والمسؤوليات كبيرة وكثيرة، بين العمل والدراسة والواجبات العائلية. لكن كل هذه المهام تجعلني امرأة ناجحة مفعمة بالحياة ولا حدود لطموحاتي. شعاري الوحيد الذي كان يرافقني أنه إن لم أطور نفسي سأصبح امرأة تعيسة وأماً حزينة”. تضيف أن “لا شيء سيقف بوجهي كامرأة، وسأحارب أي شيء سيعيق مسيرتي المهنية. سأضع عملي وعائلتي بين كفّي”.