من نيكاراغوا إلى لبنان: التكاتف وسط الحرب
“مرحبا يا آدمي!”
عندما يرحب بكم أحدهم بهذه الطريقة، ستشعرون بالسكينة. ذلك الشخص الذي يرى الإنسان فيكم بغض النظر عن أي شيء. ذلك الشخص اسمه لويس مونتينيغرو.
لويس الذي دائمًا ما يرغب بالسؤال عما إذا كان الناس يعرفون أين يقع بلده نيكاراغوا على الخريطة، كان قد انطلق في رحلة إلى لبنان في مايو/أيار 2024، حيث قبِل بمهمة للعمل كطبيب للأمراض غير السارية في مشروع أطباء بلا حدود في بعلبك-الهرمل شمال شرق البلاد.
اختارت بعثة المنظمة في لبنان الشخص المناسب للمهمة. لا يرحب بكم لويس كبشر فحسب، بل يعاملكم أيضًا كبشر. ولو وضعنا ذلك في إطارنا المهني، فالنتيجة هي طبيب يعطي من قلبه لمساعدة الناس على الشفاء، بغض النظر عن أي شيء.
كان الوضع في لبنان يزداد تدهورًا يومًا بعد يوم. كان لويس يسمع هدير الغارات الجوية الإسرائيلية في مكان ما في الوادي، والتي كانت ترجّ النوافذ.
ما لم يعرفه لويس هو أن هذا التصعيد في الأعمال العدائية سيكون محوريًا في حياته. فكان ينتظره منصب عليه أن يتولاه في خضمّ أصعب الفترات التي مرّ بها لبنان.
ثم جاء يوم 23 سبتمبر/أيلول المشؤوم، ومعه جاء القصف الإسرائيلي المكثف على لبنان. أطلقت أطباء بلا حدود استجابة طارئة لدعم آلاف النازحين. كنا بحاجة إلى توفير الرعاية الصحية والاحتياجات هائلة. انقطع وصول الناس إلى الرعاية الصحية. غادروا منازلهم من دون أي شيء، وبالطبع لم يتذكروا وصفاتهم الطبية.
تولى لويس منصب مدير الأنشطة الطبية، فكان مسؤولًا عن جميع الأنشطة الطبية في بيروت وجبل لبنان. طيّب، يحتاج كثيرون إلى الرعاية الصحية في منطقة جغرافية كبيرة، فنحن بحاجة إلى المزيد من الفرق! تحول فريق واحد إلى خمسة فرق في خمسة أيام، حتى أصبح هناك سبعة فرق من الأطباء والممرضين والمرشدين والمرشدات والاختصاصيين النفسيين والعاملين في الصحة المجتمعية.
والتفاني الذي يتحدث عنه لويس يشهد به الجميع. فحتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، قدمت الفرق في بيروت وجبل لبنان وحدها 11,326 استشارة طبية، و1,732 جلسة جماعية للصحة النفسية، و1,148 جلسة فردية للصحة النفسية، و1,157 جلسة تعزيز الصحة.
وبعد وقف إطلاق النار، عاد الكثير منهم إلى منازلهم أو مجتمعاتهم، لكن كثرًا وجدوا منازلهم متضررة أو مدمرة فظلوا نازحين. عندها اضطرت الفرق إلى إعادة توجيه خدماتها إلى المناطق الجديدة التي يحتاج الناس فيها إلى الرعاية الصحية. يعمل أحد الفرق الآن في بيروت، أما الفرق الستة الأخرى فقد حولت إلى أربعة فرق تعمل في محافظة النبطية.
***
خلال الفترة الممتدة بين 23 سبتمبر/أيلول و27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وخلال القصف الإسرائيلي المكثف على لبنان، نشرت أطباء بلا حدود 22 فريقًا طبيًا متنقلًا في عدة محافظات منها بيروت وجبل لبنان وبعلبك-الهرمل والبقاع وعكار والشمال والجنوب والنبطية. قدمنا أكثر من 31 ألف استشارة طبية و2,700 استشارة نفسية فردية و3,600 جلسة جماعية في مجال الصحة النفسية.
بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أعادت فرقنا توجيه الخدمات الطبية إلى المناطق الأكثر تضررًا في لبنان، حيث عاد الناس إلى منازلهم أو مجتمعاتهم. واليوم، تواصل فرقنا الـ16 العمل في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل والجنوب والنبطية.