11 عامًا من الحرب في حكايا مستشفى تابع لأطباء بلا حدود في سوريا

11 عامًا من الحرب في حكايا مستشفى تابع لأطباء بلا حدود في سوريا

الأخبار والأنشطة > الأخبار > 11 عامًا من الحرب في حكايا مستشفى تابع لأطباء بلا حدود في سوريا

في عام 2012، بعد عام من اندلاع الحرب في سوريا، افتتحت منظمة أطباء بلا حدود وحدة للعناية بالحروق في أطمة، شمال محافظة إدلب. أمست هذه الوحدة الملاذ الوحيد لمرضى الحروق في شمال غرب سوريا، وهي منطقة يسكنها أكثر من 4,5 مليون شخص أغلبهم من النازحين.

عبد الملك عرعور، المشرف على الأنشطة التمريضية، يعمل مع الفريق منذ أن فتح المرفق أبوابه. أما الدكتور مهيب فانضم مؤخرًا إلى الوحدة لتعزيز خدمات الرعاية المتخصصة عبر الجراحات الترميمية. ومن صلب معاناتهما وعمق التزامهما، يشاركنا زميلانا قصصًا تروي إنجازات المرفق وتشرح الفجوات القائمة في نظام الرعاية الصحية كما والظروف المعيشية المأساوية التي تلمّ بملايين السكان منذ سنوات.

مرافقة الدكتور مهيب وهو يجوب قسم المرضى المقيمين لم تكن مهمة سهلة. فالدكتور مهيب لا ينفكّ يتجول في المرفق لمعاينة المرضى وغالبيتهم من أطفال يعانون من حروق شديدة. كان يتوقف عند جميع المرضى ويسألهم أو أقاربهم، “ما جرى لكم؟ كيف تعرّضتم للحروق؟ من أين أتيتم؟ أتعيشون في منزل أو في خيمة؟”. وبعد كل إجابة يومئ برأسه، إذ به يشرح الإجراءات الطبية للمرضى كما كان يفعل أيام عمله كبروفيسور في جامعة حلب قبل الحرب.

لم تحظَ هذه المنطقة بشبكة كهرباء على مدى عشر سنوات. عادت الشبكة منذ عامٍ واحد فقط والكهرباء متوفرة بشكل متقطّع. لا يعرف أطفال كثر ما هي الكهرباء ما يؤدي إلى تعرّضهم للحروق بسهولة من جرائها". هذا ويعتبر سوء نوعية الوقود سببًا أساسيًا للمشكلة. هذا الوقود الرخيص الذي نستعمله هو في الواقع وقود خالص ويحتوي على نسب عالية من الغاز فينفجر بسهولة. إنه سبب أساسي لتعرض أغلبية النساء والأطفال للحروق. ولا بد من نشر المزيد من التوعية حول هذه المسألة في المجتمع.
الدكتور مهيب
كان عبد الباري في الثانية عشرة من عمره عندما تغيرت حياته عندما أصاب صاروخ المستشفى

هذا وقد زاد عدد أفراد الأسر عما كان عليه قبل الحرب. يلتجئ أغلب الأشخاص في شمال غرب سوريا في الخيم أو الملاجئ المؤقتة. وبات الأطفال في ملاجئهم غالبية الوقت فلا مدارس ليرتادوها. هذا ويعاني أطفال كثر من اضطرابات ناجمة عن الصدمات التي قاسوها لسنوات، والتي أعاد إحياءها زلزال فبراير/شباط الذي تسبّب بمقتل ونزوح آلاف الأشخاص في سوريا وتركيا. وفي هذا السياق، تفيد فرق أطباء بلا حدود بأن الحوادث المنزلية أمست السبب الأساسي للإصابة بالحروق اليوم، وأغلب هذه الحوادث تطال الأطفال إما بسبب انسكاب الماء المغلي عليهم أو بسبب انفجار في نظام التدفئة.

ولكن جميع هذه الإصابات مرتبط مباشرةً بالظروف المعيشية المزرية في شمال غرب سوريا والناجمة عن حرب تعدّى أمدها الإثني عشر عامًا. تتفاقم الأخطار بشكل خاص في الخيم، فهي قابلة للاشتعال وتحوي بصغر مساحتها عددًا كبيرًا من الأشخاص. وإذا اشتعلت خيمة ما، تصاب عائلة بأكملها بالحروق، فنستقبل ستة أو سبعة أشخاص في الوقت نفسه لتلقّي العلاج في المستشفى.

تنظم أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات غير الحكومية دورات توعية بمخاطر الحرائق في مخيمات اللاجئين في المنطقة. لكن هذه الدورات تبقى عاجزة عن الوصول إلى مليوني شخص يعيشون في 1,532 مخيمًا وتجمعًا عشوائيًا في شمال غرب سوريا. بينما يمكن للتوعية أن تتفادى وقوع بعض الحوادث، إلا أنها غير قادرة على تغيير في الظروف المعيشية المميتة التي يقاسيها السكان. وفي هذا الصدد، يعلق د. مهيب، “علينا أن ندعو إلى التغيير ونوجه هذه الدعوة إلى السلطات لتدرك عمق المشكلة وتشتري نوعية أجود من الوقود”. لكن ذلك صعب المنال، إذ يأتي الوقود الرخيص من شمال شرق سوريا حيث لا تتوفر محطات تكرير مناسبة. أما الوقود الجيد فهو عالي التكلفة ويستورد من الخارج، وهكذا فيصعب جلبه إلى شمال غرب سوريا في هذه الظروف الاقتصادية.

يتضاءل التمويل في شمال غرب سوريا بعد أن ارتفع مؤقتًا في أعقاب وقوع الزلزال، ما يمحي الأمل بتحسين جودة الوقود والظروف المعيشية على هذا المنوال.

منذ وقوع الزلزال، توسعت وحدة العناية بالحروق لاستقبال عدد أكبر من المرضى، إذ تبقى المرفق الوحيد الذي يعالج المصابين بحروق في شمال غرب سوريا.

يُعتبر النظام الصحي في جوهره شبكة من المرافق، إذ أن المرافق في ما بينها تكمّل بعضها بعضًا لتلبّي الاحتياجات الصحية على اختلافها. وفي شمال غرب سوريا، يعاني النظام الصحي من آثار الحرب التي تعصف بالمنطقة منذ سنوات، فيعتمد على الدعم التركي لتوفير مجموعة كبيرة من الرعاية المتخصصة، بما في ذلك العلاجات للحروق الشديدة.

قبل وقوع زلازل فبراير/شباط 2023، كانت وحدة أطباء بلا حدود تعالج حروقًا تغطي كحد أقصى 20 في المئة من جسم الأطفال و40 في المئة من جسم البالغين. وعند تجاوز هذه النسب، يُحال المرضى إلى تركيا عبر مكتب باب الهوى المتخصص بالإحالات الطبية، فيتلقون العلاج في مرافق الشبكة الصحية التركية الأكثر تطورًا وشمولية من ما هو متوفر في شمال غرب سوريا.

ولكن بعد وقوع الزلزال، تكبّد النظام الصحي التركي أضرارًا جسيمة، وأُقفل مكتب الإحالات التابع لمعبر باب الهوى لمدة شهرين تقريبًا.

فرض إغلاق معبر باب الهوى بعد الزلزال تحديات هائلة. بدأنا استقبال مرضى يعانون من حروق واسعة تغطي حتى 55 في المئة من مساحة الجسم وكان أغلبهم أطفال صغار. تجدر الإشارة إلى أن الحروق تعتبر أكثر خطورةً بالنسبة إلى الأطفال، إذ تهدد حياتهم عندما تغطي أكثر من 40 في المئة من الجسم بينما يستطيع البالغون مقاومة الحروق بدرجة أعلى. لم تتوفر أي مرافق طبية يمكننا إحالة المرضى إليها. لم تتوفر مستشفيات ما عدا مستشفى أطباء بلا حدود للعناية بالحروق في شمال غرب سوريا. لذلك، لم يكن أمامنا من خيار إلا أن نجد حلًا لهم. تكمن مهمتنا في استقبالهم ورعايتهم رغم عدم استيفائهم لمعايير الاستشفاء لدينا. هذا ما فعلناه في محاولة لتوسيع قدرتنا على الاستجابة.
عبد الملك عرعور

وقبل مارس/آذار من عام 2023، كان يتوفر في مستشفى إدلب الجراحي جناح صغير معني بالعناية بالحروق. ولكنه اضطر إلى إغلاق أبوابه في نهاية مارس/آذار إذ توقف الدعم المالي الدولي الذي كان يتلقاه. ومنذ ذلك الحين، يتوجه جميع مرضى الحروق في شمال غرب سوريا لتلقي العلاج في منظمة أطباء بلا حدود في أطمة.

وبعد الزلزال، عمدت فرق أطباء بلا حدود إلى حشد مواردها لتطوير المرفق الطبي. وتمكن أفراد الطاقم من تأمين 12 سريرًا إضافيًا، ما زاد عدد الأسرة من 17 إلى 29 سريرًا. علاوة على ذلك، افتُتحت نقاط صحية متقدمة لتزويد المرضى الذين يغادرون المستشفى برعاية المتابعة كخدمات الصحة النفسية والتضميد والعلاج الفيزيائي، وذلك على مقربة من البلدات التي يسكنونها. وبهذا ازداد عدد المرضى الذين يمكن تقديم الرعاية الطارئة والجراحية لهم، وانخفض عدد المرضى الذين قد لا يتابعون علاجهم لعدم تمكنهم من التنقل لتلقي العلاج.

ومع ذلك، مهّد استقبال عدد أكبر من المصابين لتحديات جديدة، لا سيما أن المرضى احتاجوا في مرحلة معيّنة إلى دخول وحدة العناية المركزة”.

نقص حاد في عدد الأسرة في وحدة العناية المركزة شمال غرب سوريا

نظرًا لطبيعة إصاباتهم، يمسي المصابون بالحروق أكثر عرضة للإصابة بعدوى. يزيد احتمال معاناتهم من حمى شديدة أو اضطرابات تنفسية حادة بالإضافة إلى أعراض الإنتان (تسمّم الدم). وفي هذه الحالة، سيحتاجون إلى مستويات فائقة من الاهتمام والعناية الخاصة. وعندما يطال الحرق أكثر من 40 في المئة من مساحة الجسم، يتأثر الجهاز التنفسي. ويحتاج المرضى آنذاك إلى التنبيب، الأمر الذي يتم في وحدة العناية المركزة فقط باستعمال الأدوات المناسبة لضرورة خضوع المرضى للمراقبة عن كثب. لا تضم وحدة أطباء بلا حدود للعناية بالحروق قسم عناية مركّزة.

ويتحدث مدير المستشفى محمد درويش عن الجهود التي يبذلها الفريق للتكيف وإيجاد الحلول عندما توقفت الإحالات إلى مرافق تركية بعد وقوع الزلزال. “في البداية، تواصلنا مع عدة مستشفيات وطلبنا منهم استقبال المرضى الذين يحتاجون إلى العناية المركزة، ولكن بعد الزلزال مباشرة، رفضوا جميعهم ما عدا مستشفى واحد للأطفال. خشيت المستشفيات من أن ينقل المرضى المصابين بحروق العدوى إلى مرضى آخرين. أما مستشفى الأطفال، فوافق على التعاون معنا واستقبال الأطفال المرضى في وحدة العناية المركزة لكنه لم يشتمل إلا على سريرين للعناية المركزة. وفي مرحلة لاحقة، وافق مستشفى إدلب أيضًا على استقبال بعض مرضانا”.

عندما يستقبل مرفق آخر مريضًا في وحدة للعناية المركزة، يواصل فريق أطباء بلا حدود العناية بحروقهم. أصيب الطفل مجد الذي يبلغ من العمر خمس سنوات بحروق طالت 45 في المئة من جسمه. وبعد خضوعه للعمليات الجراحية، أحيل إلى مستشفى إدلب وتابعه فريق غرفة العمليات التابع للمنظمة عن كثب بينما كان يحاول إحالته إلى تركيا. وبعد شهر، نظرًا للوتيرة البطيئة التي افتُتح فيها فتح معبر باب الهوى وإحالة شخص أو شخصين يحتاجان إلى الرعاية المنقذة للحياة إلى تركيا كل أسبوع، حصل أخيرًا على الموافقة.

هبة بيراوي، التي تشرف على حصول المرضى ومرافقيهم على الدعم النفسي وتتواصل مع عائلة مجد كل يوم، تعلّق في هذا الصدد، “على حد علمنا، ما زال مجد في تركيا ووضعه ما زال صعبًا مع معاناته من مشاكل تنفسية. الحال يفطر القلب في بعض الأحيان”.

عندما يدفعنا المريض “المعجزة” للمضي قدمًا

يتذكر جميع أفراد الفريق مريضة تُدعى تقى ويسمونها بالطفلة المعجزة. فقد كانت بصيص أمل لهم وسط فترة مليئة بالتحديات. تبلغ تقى عشر سنوات من العمر وعانت من حروق في 45 في المئة من جسدها، أي ما يتجاوز بأشواط ما يشهده الفريق في وحدة العناية بالحروق. أصيبت بالحروق بعد انسكاب مياه ساخنة عليها في منزلها، ويروي لنا عبد الملك قصتها.

“أمضت شهرًا كاملًا في مستشفانا. وبعد ذلك، أحلناها إلى مستشفى الأطفال حيث أُدخلت إلى وحدة العناية المركزة ومكثت 15 يومًا مع أنبوب تنفس. زوّدْنا مستشفى الأطفال بالدواء الخاص الذي تحتاجه، كما أرسلنا جراحًا وطبيب تخدير وممرضين لتغيير الضمادات ومواد طبية لدعم الفريق الطبي في المستشفى. وعندما أُخرجت من وحدة العناية المركّزة، عادت المريضة إلى وحدة العناية بالحروق حيث خضعت لعمليات أخرى. أجرينا عمليات زرع جلدية صغيرة على كافة أنحاء جسمها لتجنب الندبات والعدوى، فعلنا ذلك خطوة بخطوة وبحذر شديد. لم نكتفِ بالتضميد وإلا لأمسى جلدها أكثر بروزًا ومليء بالندبات.

أُخرجت تقى من المستشفى وأمست على ما يرام. وقد أحرزت تقدمًا ملحوظًا. بشكل عام، بقيت لأكثر من شهرين في المستشفى. والآن تعافت ويمكنها أن تمشي وتتحدث. وتأتي إلى مرفقنا الطبي لتلقي رعاية المتابعة فقط. حصل ذلك في أبريل/نيسان، عندما كان نظام الإحالة إلى تركيا معطلًا بالكامل”.

11 عامًا من تواجد أطباء بلا حدود في أطمة

على مدى ثماني سنوات، أي بين عامي 2014 و2022، منع اشتداد حدة النزاع موظفي أطباء بلا حدود الدوليين من التواجد في شمال غرب سوريا. يدير فريق أطباء بلا حدود السوري المرفق بمفرده، ويتلقى الدعم عن بعد فقط. يستمرّ الفريق في دعم مجتمعهم المحلي وكان أول من استجاب لحالة الطوارئ في أعقاب الزلزال، حيث أرسل الموظفين وفتح المستودعات وسيارات الإسعاف في الساعات الأولى من وقوعه.

ويضيف عرعور، “قطعتنا الحرب عن العالم الخارجي منذ عام 2014 وحتى وقوع الزلزال تقريبًا. ولم يتمكن زملاؤنا من زيارتنا إلا بعد هذه المرحلة حينما قلّت القيود على إعطاء التراخيص التي تحكم دخول شمال غرب سوريا”.

بالنسبة إلى أطباء بلا حدود والمنظمات الأخرى، ساهم تسهيل الوصول إلى شمال غرب سوريا بعد الزلزال، فضلًا عن التقييمات والزيارات التي أجريت منذ ذلك الحين، في تجديد الوعي بالوضع المأساوي الذي يواجه السكان. وبعد 12 عامًا من الحرب وعقد من الاعتماد على الدعم الإنساني، كان إغلاق نظام الإحالة إلى تركيا يعني عدم تلقي آلاف المرضى في المنطقة للرعاية الصحية المنقذة للحياة. وفي هذا السياق، ما زال النظام الصحي في شمال غرب سوريا هشًا ويعتمد بشكل كبير على المساعدات.

وفي أطمة، خاض فريق أطباء بلا حدود في سوريا تجربةً فارقة وبيّن التزامًا كبيرًا تُرفَع له القبعة خلال سنوات عُرفت بصعوبتها البالغة.

أطباء بلا حدود تدعو إلى زيادة الدعم لتطوير الرعاية المتخصصة في شمال غرب سوريا

يتطلب توفر رعاية ذات جودة للمرضى المصابين بحروق خبرة واسعة واستشفاء طويلًا وتكاليف مرتفعة. وعليه، تجلت صعوبة المواظبة على توفير هذه الخدمة في المستشفيات الأخرى نظرًا لحالة عدم اليقين السائدة وتناقص التمويل.

وفي هذا الصدد، تدعو أطباء بلا حدود المزيد من المنظمات الصحية إلى دعم التطوير المستدام للرعاية المتخصصة في شمال غرب سوريا، وذلك لضمان وصول هذا المجتمع الضخم إلى الرعاية المنقذة للحياة بعدما واجه عواقب 12 عامًا من الحرب.

ماذا يلوح في الأفق لضحايا الحروق في شمال غرب سوريا؟

تواصل أطباء بلا حدود دعم ضحايا الحروق في شمال غرب سوريا. وتعمل المنظمة على إنشاء مرفق حديث وأكبر بالقرب من وحدة الحروق الحالية. وفي غضون عام تقريبًا، سيكون جاهزًا لاستقبال المرضى واستبدال المرفق الحالي مع التزام متجدد بالحفاظ على جودة الرعاية واعتماد نهج متعدد التخصصات والاستمرار في متابعة العلاج للمرضى.

وفي هذا السياق، يعلق الدكتور مهيب بحماس كبير، “سيكون في وحدة العناية بالحروق الجديدة غرفة عمليات مخصصة بالكامل للجراحة الترميمية. سنكون قادرين على توفير العمليات الجراحية التي يستحيل إجراؤها في كامل منطقة شمال غرب سوريا في الوقت الحالي”.

رحلة مستشفى أطمة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود طوال فترة الحرب

في عام 2012، وبينما كانت الحرب مستعرة في المنطقة، كان مستشفى أطباء بلا حدود للإصابات البليغة في أطمة يستقبل تدفقاً من المرضى بعد كل معركة كبرى وكل غارة جوية.

ويستذكر عبد الملك عرعور، “بعد افتتاح المستشفى مباشرة، نظمنا أولى خطط التعامل مع الإصابات الجماعية يوم 14 يوليو/تموز 2012. بدأت المعركة في الصباح الباكر، وبدأنا باستقبال جرحى الحرب ظهر ذاك اليوم”.

استمرت المعارك البرية الطاحنة في المنطقة حتى مارس/آذار 2015. ونظرًا لخبرة أطباء بلا حدود في التعامل مع الحروق الحادة وتوفير العلاج المعقد، أُحيلت معظم حالات الحروق إلى مستشفى أطباء بلا حدود في أطمة. وكانت إصابات الحروق ناجمة عن انفجارات، إما بسبب الغارات الجوية أو القصف. وفي عام 2013، تم تحويل قسم الإصابات البليغة في المستشفى إلى وحدة متخصصة بالحروق في سبيل الاستجابة للاحتياجات.

ومنذ عام 2014، يعالج مستشفى أطمة ضحايا تفخيخ ما يسمّى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو “داعش” للسيارات. ففي فبراير/شباط من عام 2014، دوى انفجار ضخم أمام مستشفى كان يُدعى آنذاك مستشفى الشرق والذي يُعرف اليوم بالمستشفى الخيري على بعد 300 متر من مرفق أطباء بلا حدود. وقد تبنى تنظيم داعش الهجوم الذي دمّر 80 في المئة من المستشفى. استقبلنا خلال دقائق أكثر من 40 مريضًا، معظمهم من الأطباء والممرضين من مستشفى الشرق. وكانت آخر حادثة أدت إلى إصابات جماعية قد حصلت في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، حيث وقع تفجير آخر بسيارة مفخخة في مدينة أطمة. واستقبلت أطباء بلا حدود آنذاك 50 مريضًا في الوقت نفسه.

وبعد عام 2015، بدأت أطباء بلا حدود في استقبال المزيد من المرضى الذين يعانون من “الحروق المنزلية” بسبب تراجع القتال في هذه المنطقة. وقد أعيد فتح المستشفيات وتم تقديم دعم كبير من المنظمات الدولية إلى المنطقة.

إلا أن طول أمد الحرب وعزلة المنطقة، عدا عن تعقيد إيصال المساعدات الإنسانية، تُعتبر عوامل تجعل سكان شمال غرب سوريا الأكثر حاجة إلى الدعم الدولي منسيين.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print